“صامت لو تكلم”.. تراتبية شعرية تحملك إلى ذكريات لا تُجتزأ من هوية فلسطينية أصيلة، فهي استهلال لحن التغريبة الفلسطينية، الشاهد الدرامي على نكبة عام1948، وتخليد لقصة الفدائي الأول “أخو الحزم”، الذي سبقت يده فمه.. فمن هو ذلك الصامت لو تكلم.. وما حكاية القصيدة الشعرية؟
حكاية الفدائي..
بدأت الحكاية ظهر الرابع والعشرين من نوفمبر عام 1929، حين ترصد الفدائي محمد عبد الغني أبو طبيخ سباعنة، الذي كان يبلغ آنذاك 15عامًا، وهو ابن بلدة قباطية الواقعة في الجنوب الغربي لمدينة جنين، في محاولة اغتيال لرئيس النيابات العامة البريطاني الصهيوني “نورمان بنتويش”.
وجرت العملية بينما كان “بنتويش” خارجًا من مكتبه في القدس، حيث أطلق عليه الفدائي أبو طبيخ 3رصاصات مصيبًا فخده، منفذًا بذلك أول محاولة اغتيال سياسية موثقة في إسرائيل، والتي جاءت ردًا على قوانين تعسفية أصدرها “بنتويش” بحق الفلسطينيين خلال ثورة البراق.
وتسببت الحادثة التي دُفعت بجرأة أبو طبيخ، في خلع “بنتويش” عن منصبه، فيما قبض على الفدائي، وحكمت عليه المحكمة 15عامًا مع الأشغال.
وصرّح أبو طبيخ تعقيبًا على الحادثة أمام المحكمة، بقوله “لما رأيت أن الحكومة قد ضربت باحتجاجات العرب عرض الحائط، أقدمتُ على هذا العمل بدافع وطني.. إنني أعتقد أن “بنتويش” هو عدوٌ لأمتي وديني، ولما رأيته كنت مالكًا شعوري، فأطلقت النار من مسدسي عليه”.
التغني بالشعر..
ونظم الشاعر إبراهيم طوقان قصيدة وثقت هذه المحاولة، وتغنت بالفدائي أبو طبيخ، حملت اسم “الفدائي”، ونشرت للمرة الأولى في صحيفة “مرآة الشرق” في إبريل عام1930 تحت اسم “شاعر فلسطيني كبير”، ثم نشرت باسم إبراهيم طوقان في يونيو1930 في صحيفة “النفير”.
“لا تسل عن سلامته
روحه فوق راحته
قتّلته همومه
كفنا من وسادته..”
مما جاء في وصف الفدائي..
وجاء في صحيفة “مرآة الشرق” نصًا يصف الفدائي، قيل فيه أنه ربع القامة معتدل الجسم، ذو وجه أسود، يحسن القراءة بالعربية وقليلًا من الإنجليزية.
ووثقت مذكرات الأديب والسياسي الفلسطيني أكرم زعيتر “بواكير النضال 1909-1935” الحادثة في نص ذكر فيه، “هذا أول حادث من نوعه في فلسطين, هذا أول فدائي يقدم على إطلاق النار على الرجل الذي يعمل ليل نهار على تهويد وطنه. إذا كانت الإضرابات والاحتجاجات والمؤتمرات والاجتماعات والمظاهرات لا تزحزح ذلك الصهيوني عن مركزه الخطير فما الذي زحزحه غير رصاصة كرصاصة محمد عبد الغني أبي طبيخ؟”.
كتبت:سمية النجار
المصدر: موقع إشراقات