بخفقة شوق صادقة حُرِّرَت رغم القيود، وبكلمات كُتِبت بشوق إلى لقاء يتجاوز رؤى الفؤاد على عظمتها، كتب الأسير عبد الرحمن اشتية ابن قرية سالم شرق نابلس كلمات عذبة حرة، هذّبها في قصيدة من ستة عشر بيتًا، وأهداها إلى زوجته “يقين”.
اختار اشتية طريقة استثنائية لتصل الكلمات إلى يقين، وبذل جهدًا في ذلك، إذ وصلتها الكلمات في عيد زواجهم الثامن، مصورة على لوحة خشبية كتبت سطور قصيدته عليها بالخط العربي الديواني بأدق تفاصيله وأجملها.
العمل على أدق التفاصيل
حدثتنا هناء حمارشة، صاحبة متجر دار هناء التي أشرفت على إتمام اللوحة الحكاية، قائلةً إن عبد الرحمن صديق للدار، وكان له فضل كبير في إتمام اللوحة بصورتها المتقنة الزاخرة بالتفاصيل، فهو بحسب وصفها شخص “تشغله التفاصيل ويعشق المفاجآت”.
بدأ عبد الرحمن التواصل مع الدار رغم الأسر بطريقته الخاصة والمبتكرة، وبتكرار محاولته، تمكن من إرسال أبيات القصيدة التي كتبها لزوجته إلى الدار، لتخطها هناء ويجتمع جمال الفصاحة العربية بجمال الخط العربي.
وتَرجمت الأبيات بشطورها الستة عشر، ثمانية رسائل من عبد الرحمن إلى زوجته، لترد عليه هي في الثمانية الأخرى، فتقابلت الأبيات بإعجاز كلمة “أراك” التي عكست معاني الرؤية القلبية رغم البعد، والتي تشابه في عمقها عبارة “رؤية العين رؤية ورؤية القلب لقاء”.
لوحة لها خصوصيتها
ولفتت حمارشة في خضم حديثها لـ”تلفزيون المدينة” إلى أن هذه اللوحة لها وقع خاص في نفسها، رغم ما تنجز من لوحات لها قصص وحكايات، منها ما يوثق أشواق العشاق ومرارات الغياب، إلا أن هذه اللوحة تميزت بخصوصيتها الوطنية والإنسانية.
وأضافت حمارشة أنها في محاولات إنجاز اللوحة شعرت بإعجاز خاص مسّ قريحتها، فالتفت كلمتي أراكَ وأراكِ متقابلتين، في صورة رمز المالا نهاية، ورمز الساعة الرملية، تعبيرًا عن سرمدية الحب وأبدية رؤاه، وأطرت بالأبيات الستة عشر دون أن تسقط منهن كلمة واحدة.
View this post on Instagram
كلمات أوقدت أملًا
وساهمت اللوحة في إحياء نفس يقين، وبث الأمل في روحها المشتاقة، وهي التي تعاني غيابات زوجها المتكررة نتيجة بطش السجان واعتقالاته المستمرة، منذ خطوبتهما وحتى اليوم الذي يكبر فيه ثلاثة من أطفالهم في غيابه.
وعبرت يقين زيادة، زوجة الأسير لـ”تلفزيون المدينة” عن مشاعرها في غياب زوجها، وهي مشاعر تتزاحم بين الشوق والألم، خاصة مع ثقل المسؤولية المترتبة على أطفال ثلاثة، حرموا لحظات كثيرة مع والدهم في غيابه.
وذكرت زيادة، أن زوجها حريص على الاحتفال في كافة المناسبات، حتى في بعده، وهو يختار لكل مناسبة ما يليق بها، وله أسبقيات في إرسال الهدايا وتنسيق المفاجآت رغم أسره، إلا أن هذه المفاجأة لها وقع خاص في نفسها.
وأشارت إلى أن زوجها حادثها قبل يومان من إرسال اللوحة، فمازحته بقولها إنها تشتاق إلى نوع من الحلوى التي كان يخصها بها، ليبعث لها بعلبة منها إلى جانب اللوحة.
فرحة منقوصة.. دومًا
وبنبرة عبرت عن غصة الأسر ومرارة السجن، قالت زيادة إنها وأطفالها ينتظرون زوجها ليخرج من أسره حرًا في يناير القادم، وإنهم يعدون الأيام والساعات لتجتمع العائلة وتكتمل البهجة في نفوسهم.
هذه حكاية لواحدة من الأسر التي تصنع الفرح على “شحه” ووعورة طريقه، لكنهم كما قال الشاعر محمود درويش يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلًا، ويفرحون بنصيبهم من الحياة رغم أنف الاحتلال.
كتبت:سمية النجار