الأخبار

عنفٌ متصاعد.. ماذا يجري في الجامعات الفلسطينية؟

By سمية النجار

December 07, 2021

تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الخلافات بين طلبة الجامعات في الضفة الغربية، إلى أن وصل الحال لمشهدٍ وُصف بـ “الصادم والأليم”، بعد مقتل الشاب مهران خليلية (21 عامًا) طعنًا بالسكين على يد أحد زملائه قرب أسوار الجامعة العربية الأمريكية في محافظة جنين.

حادثة قتل “خليلية” كانت الحلقة الأخيرة والأكثر سوداوية في مشاهد العنف المتصاعد بالجامعات، لكنّها ليست الأولى، ففي منتصف شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي شهد محيط جامعة القدس في بلدة أبو ديس إطلاق نار كثيف؛ على خلفية مشاكل طلابية.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، وقعت اشتباكات عنيفة بالأيدي والعصي بين مجموعة من طلبة جامعات الخليل وبيرزيت في رام الله والنجاح في نابلس في حوادث متفرقة انتهت بإصابة عشرات الطلبة بجروح متفاوتة.

حدث يعقب آخر دون رادع، ما يفتح باب التساؤلات عن الأسباب التي تدفع الطلبة الجامعيين للاقتتال إلى حد استخدام الأسلحة النارية، وهي الفئة التي من المفترض أنها الأكثر تعلماً، والمعقود عليها آمال التغيير الإيجابي في المجتمع.

غياب الأفق السياسي

يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح مصطفى الشنار، إن “مستوى العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني بدأ يتصاعد في الفترة الأخيرة سواء في الجامعات أو خارجها”.

ويعزو “الشنار” لـ “وكالة سند للأنباء” ذلك لـ “أسباب سياسية واجتماعية على رأسها وصول المشروع الوطني إلى الحائط، وغياب أي أفق سياسي أمام جيل الشباب تحديداً”.

ويستطرد: “طلبة الجامعات وجدوا أنفسهم بلا خطاب وطني، ولا طموحات أوموضوعات تشغلهم، ومن المعلوم أن الطبيعة لا تقبل الفراغ، فإذا لم يُشغل الشاب بالقضايا العليا كالتحرر وبناء الدولة، شغل بقضايا ذاتية”.

وأشار “الشنار” إلى أنه في ظل القيود المفروضة على الحريات العامة، والملاحقة على خلفية الرأي، برزت العشائرية بشكل واضح بمظاهرها السلبية، لسد الفراغ الذي تركته الفصائل الفلسطينية بالمجتمع”.

الاحتلال في خلفية المشهد

وحول ضلوع إسرائيل بيجري من حالات عنف في الجامعات، يُحدثنا “الشنار”: “بعيداً عن نظرية المؤامرة، الجامعات مستهدفة باستمرار من الاحتلال، هذا الأمر بديهي، لدورها الوطني؛ فغالبية القيادات الوطنية والإسلامية، التي لعبت دورًا بارزًا خلال الانتفاضيين الأولى والثانية، تخرجت من هذه الجامعات”.

ووفقاً لـ “ضيف سند” فإن لكل “جامعة ضابط إسرائيلي مسؤول عنها، يتابعها ويراقب طلابها ويعرفهم بالواحد، أي أن مخابرات الاحتلال تعامل الجامعة كما تعامل مدينة بأكملها نظراً لأهميتها وخطورتها”.

ولفت إلى أن سلطات الاحتلال لا يروق لها، رؤية أبناء الجامعات سواء من كان يعملوا تحت إطار كتلة طلابية معينة أو غير مهتمين بالسياسية في حالة انسجام وتفاهم.

تغير دور الحركة الطلابية

بدوره، يقول عضو الهيئة الإدارية في نقابة موظفي جامعة بيرزيت سامح أبو عواد، “إن الحركة الطلابية كانت في السابق هي من تقود المجتمع وتحرك البوصلة الوطنية، غير أن هذا الدور سرعان ما تغير بعد اتفاقية أوسلو عام 1994”.

وأشار “أبو عواد” في حديثٍ إذاعي إلى أن “الحركة الطلابية اليوم صارت امتداداً للفصائل المعروفة خارج الحرم الجامعي، أي أنها نقلت مشاكل هذه الحركات التي تمثلها لداخل أسوار الجامعة”.

وفي معرض رده على سؤال ما المطلوب اليوم، رد: “وقف التدخلات الخارجية بالكتل الطلابية سواء كنت أمنية أو فصائلية، وإفساح المجال لهذه الحركات بأخذ قرارها بنفسها بناء على مصلحة الطلبة”.

وأورد “أبو عواد” أنه كل ما يجري يؤكد أن المراد منه “حرف الحركة الطلابية عن دورها الوطني”.

واتهم “إدارات بعض الجامعات بإعطاء حصانة لبعض الطلبة، والتغاضي عن تجاوزاتهم للقانون وترفض محاسبتهم، وهو ما يشجعهم على الاعتداء على زملائهم وأعضاء الهيئة التدريسية أيضاً”.

موقف مجلس رؤساء الجامعات

وأول أمس الأحد أقرّ “مجلس رؤساء الجامعات” سلسلة خطوات قال إنّ من شأنها “صون حرمة الجامعات والقضاء على كافة أشكال العنف في مؤسسات التعليم العالي”.

ومن هذه الخطوات منع حمل الأسلحة النارية أو البيضاء منعًا باتًا بكافة أشكالها، وأن من يُضبط بحوزته سلاحًا يتم فصله من الجامعة بشكل نهائي.

وأن أي طالب يتم فصله من جامعة ما على خلفية الاعتداء على الغير أو إثارة القلاقل؛ يُمنع قبوله في أي جامعة أخرى، ويُعمّم اسمه على كافة الجامعات من خلال وزارة التعليم العالي.

وأعلن المجلس عن إطلاق مبادرة لنبذ العنف، وإعداد برامج توعوية وتربوية وإرشادية من خلال مجالس الطلبة، وتنظيم ورش عمل ومحاضرات لتعزيز مبادئ الحوار وقبول الآخر.

وأوصى المجلس بتطوير مادة علمية تدريبية كمتطلب جامعي إجباري، تهتم بالقضايا السلوكية المجتمعية، وتوعية الطلبة بواجباتهم وحقوقهم.

موقف الأمن

وعن دور الأمن في كل ما يجري داخل وفي محيط الجامعات الفلسطينية من مظاهر عنف، يقول الناطق باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي ارزيقات: “لو لم يكن الأمن متواجداً في محيط الجامعات في أكثر من مشاجرة لكانت النتائج كارثية”.

وأكد “ارزيقات” في حديثٍ إذاعي تابعته “وكالة سند للأنباء” أن “غالبية مرتكبي هذه المشاجرات يتم اعتقالهم وتحويلهم لجهة الاختصاص في وقت قياسي، وهنا ينتهي دورنا”.

ويُردف: “أما يحصل داخل الجامعات ليس من اختصاصنا، فالمسؤولية هنا تقع على عاتق أمن الجامعة، فوفقاً  للأعراف الدولية يمنع على الأجهزة الأمنية دخول الحرم الجامعي”.

وأبدى “ارزيقات” عن استعداد الأجهزة الأمنية لإقامة نقاط أمنية قريبة من محيط الجامعات لتعزيز الأمن ومتابعة أي إشكالية قد تحصل، مطالباً النيابة العامة والجهاز القضائي بإعادة النظر في قانون العقوبات وتطويره.

كتب: أحمد البيتاوي

المصدر: وكالة سند الإخبارية