الأخبار

دلال قهوة وتصدّع للخشب شاهدان على أصالة مقهى الشيخ قاسم

تصدع خشب الكراسي شقوقًا، وأوراق الشجر بدأت تتساقط معلنةً بداية الخريف، ودلال القهوة ما زالت معلقة، في وجه انبعاث أنفاس الأرجيلة واختلاطها بهواء المكان الأصيل، عدا عن تلك الأنفاس التي التصقت بالجدران بعد رحيل أصحابها.

في قهوة هي الثانية تاريخيًا في دمشق الصغرى، يعرفها الصغير والكبير فهي بحسب الوصف “أشهر من النار على العلم”، قهوة الشيخ قاسم، التي تقع في البلدة القديمة إلى الشرق من ساحة المنارة في شارع النصر لمدينة نابلس.

سبب التسمية وتاريخها

يعود اسم المقهى للشيخ قاسم هاشم الذي أسسها منذ أكثر من مائتي عام، حيث سميت نسبةً إليه، وتناوب على إداراتها عدة أشخاص منهم أبو خضر عديلة، وأبو أيمن فطوم، ومن بعده الإخوان رائق ومحمد كلبونة،  ومنذ عام 1960 استأجرت عائلة كلبونة المقهى، وما زالت تديرها حتى اليوم، بإشراف الحاج محمد كلبونة “أبو سليمان”.

والقهوة في ماضيها استقبلت كبار الشخصيات والفنانين، على رأسهم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أمين الحسيني عام 1932، ورئيس بلدية يافا يوسف هيكل، وراغب النشاشيبي الذي كان يعرف بشخصية القدس الأولى عام 1931، كما واستقبل المقهى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذي زاره متخفيًا تجنبًا للفت الأنظار.

وفيما سبق، حفل المقهى بباشاوات تركيا والدولة العثمانية، وكان كل من يقصده يفخر بأنه من زواره، يلعب فيه الشدة وطاولة الزهر، بينما يأرجلون التنباك ويشربون الشاي والقهوة.

وفي رمضان ومساءاته، داوم الكثير على حضور عروض الحكواتي، ومع بدايات ظهور المذياع، توفر أول مذياع في مقهىً دمشقي في الشيخ قاسم، وكان المقهى يكتظ لساعات طويلة بأناس قدموا خصيصًا لسماعه، والطرب على دندنات أم كلثوم وأسمهان وغيرهما.

وحفل المقهى بنصيب فني رفيع، فأم كلثوم وأسمهان وفريد الأطرش الذين انطلقت دندناتهم عبر المذياع في البداية، زاروه وأطلقوا حناجرهم فيه، بصحبة ملحنيهم، ليزداد المقهى بذلك انتشارًا وشهرة.

وبحسب وصف زواره القدامى، يقال أن كل أثاث القهوة قديم، ويذكّر الزائرين بروح نابلس القديمة، ويشعر من يجلس داخله أنه في مقاهي دمشق وأسطنبول القديمة، ويتأمل الأثاث القديم، الذي جلست عليه أجيال من المدينة بالتتابع.

ويؤلم الشعور أن مقهىً أصيلًا كهذا، كان ضحية ظروف قاسية مرت بها نابلس، خاصة ظروف اجتياح 2002، الذي حلّ كنقمة على البلدة القديمة وغير الملامح فيها، وهو بدوره قلّص عدد زوار الشيخ قاسم، وتسبب في إغلاق المقاهي القريبة منه، مثل مقهى فطوم ومقهى الشيخ ياسين.

كتبت:سمية النجار

 

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض