رغم حداثة سنها تتألق، محرزةً كؤوسًا ذهبية، ومداليات تشهد على حضور دولي، في مسابقات لعبة الشطرنج، المعروفة بشروطها المعقدة، والقدرات الذهنية المميزة التي تطلبها.
بدأت حكاية جنى عثمان ذات الـ12 ربيعًا، عندما عاد والدها من بطولة شطرنج أقيمت في مجدل بني فاضل، موطنها الأم، حاملًا كأسًا كبيرًا لفت انتباهها، فسألته حكايته، وطلبت منه تعليمها أصول اللعبة التي حقق فيها والدها نجاحًا، ولم يكن عمرها يتجاوز الـ8سنوات آنذاك.
وفي الفترة الأولى، شاركت جنى في بطولة مجدل بني فاضل لتحرز مركزًا مرموقًا، تلته بطولة دوري فلسطين محرزة المركز الأول، ما أهلها لخوض تجربة ممتعة مع خصوم اجتمعت بهم في الأردن والإمارات وتونس، محققة نجاحًا خلف آخر.
حصلت “عثمان” على لقب بطلة فلسطين ثلاث مرات، وحازت على المرتبة الأولى ثلاث مرات متتالية على مستوى مدارس فلسطين، وبطولات على مستوى الوطن العربي وغرب آسيا، وحصدت المركز الخامس والعشرين عالمياً.
وحصدت الطفلة المركز السابع عربياً في الإمارات عام 2017، والثامن عربياً عندما لعبت في تونس عام 2018، وعلى السابع عربياً في الأردن عام 2019، لتتقدم هذا العام وتحصل على المركز الثاني عربياً.
ومؤخراً، في بطولة افتراضية حصلت “عثمان” على المرتبة السابعة على مستوى غرب آسيا، بعد أن تأهلت بفوزها بالمرتبة الأولى فلسطينياً والثانية عربياً.
والد جنى، أحمد عثمان يقول لـ”تلفزيون المدينة” إنه تعلم أصول الشطرنج منذ كان أسيرًا في سجون الاحتلال، وطوّر موهبته عبر اللعب المستمر والأخطاء الذاتية، وفور خروجه من السجن، أسس مركزًا لتعليم الشطرنج في مجدل بني فاضل، وكانت جنى واحدة من أعضاءه.
ويفخر أحمد بطفلته التي أثبتت جدارتها مرة بعد أخرى، وتميزت في لعبة الشطرنج بوقت قياسي، ودون أن تتلقى تدريبات خاصة، معتمدة على اللعب الافتراضي من خلال التطبيقات المتاحة في تطوير مهاراتها.
وتابع أحمد لـ”تلفزيون المدينة” قائلًا “كان الأمر مفاجئًا أن تحقق ابنتي هذه النجاحات في عمر مبكر، وأن تحصل هذه الجوائز في مباريات عالمية، الأمر الذي عزز ثقتها ومنحها دفعة للأمام”.
ويضيف أحمد أن غياب المدربين المحترفين يعيق اكتشاف الكثير من المواهب، ويحد من تطوير مهارات الموهوبين، خاصة وأن الاتحاد العام للشطرنج يعاني من قلة الإمكانات المادية.
ويوضح أحمد أن مشاركات ابنته في المسابقات العالمية فرضت عليه تكاليف مادية كونه كان مرافقًا لها، ولم تغطي أي جهة تكاليف سفره، ومع ذلك تخطى الحدود بصحبتها معززًا خطواتها لتنال ألقابًا عالمية.
متجاوزة الجنود والملوك في لعبتها، تحدثت جنى لـ”تلفزيون المدينة” معبرة عن طموحها بأن تصبح مدربة شطرنج محترفة، ترقى باللعبة وتذكي الأذهان الفلسطينية، لما يترتب على هذه اللعبة من جهد ذهني يطور المهارات العقلية.
وتصف جنى تجربتها مع الشطرنج بالممتعة، خاصة إذا كان الخصم محترفًا، مستذكرة أجمل تجربة للعبة مع شابة جزائرية في الأردن، حيث تفوقت جنى عليها رغم أن الشابة كانت تتلقى تدريبات مكثفة بواقع ست ساعات يوميًا في الجزائر.
وتلعب جنى الشطرنج بشكل يومي، لتطور مهارتها، وهي إلى جانب ذلك تحافظ على مستوىً أكاديمي مرتفع متفوقة في دراستها، وآملة أن تتعرف إلى مزيد من اللاعبين لتشاطرهم روح المنافسة فلسطينيًا، راجيةً من الاتحاد الدعم وتوفير مدربين.
وبطموحها، تأمل جنى أن تنطق “كش ملك” في حفل عالمي، مهدية نجاحها لوالدها الداعم الأول، ولتحلق باسم فلسطين عاليًا.
كتبت:سمية النجار