الحاج فؤاد حلاوة.. شاهد على تاريخ البلدة القديمة من نافذة مطعمه
تمثُلُ البنيان شاهدة على تاريخ أو حضارة، ويمنح ما بقي من السكان روحًا لهذا التاريخ، خاصةً إذا ما كانوا ممن شهدوا العصور وتتابع الحضارات، وتبدلت الدنيا مرارًا في ظل وجودهم.
الحاج فؤاد حلاوة”أبو عماد”، واحدٌ من أعلام البلدة القديمة وأبرز سكانها، وصاحب مطعم النصر القائم منذ عام 1936 الموجود في منطقة باب الساحة وبرج المنارة.
اعتاد حلاوة منذ أكثر من سبعين عامًا على الاستيقاظ فجرًا، وارتداء زي العمل الخاص به، قاصدًا مطعمه انطلاقًا من منزله الموجود في حارة الحبلة بالبلدة القديمة.
ورغم تغير المسميات والكثير من طبيعة المكان، لم يتغير عنده طعم الشواء ولا الوجبات المقدمة، فما زال الحاج حلاوة يقدمها بنفسه الطيب رغم تجاوزه الثمانين عامًا.
كيف بدأ “أبو عماد” عمله في المطعم؟
ومنذ كان فتىً، خرج حلاوة من المدرسة قبل إتمام دراسة الصف السادس، ووصف ذلك قائلًا لـ”وفا”: إن ترك المدرسة كان كسرة خاطر لي ولعائلتي التي كانت تنتظر تخرجي بنفس العام، فقديما كان الأهل يقيمون زفة لمن يتخرج من الصف سادس، وكان يسمى قارئ كاتب، نتيجة التجهيل الذي مارسه الأتراك في فلسطين”.
وما زال حلاوة يتذكر مدرسيه في المدارس الخاصة قبل التحاقه بمدرسة الغزالية، فقد درس لدى أربعة معلمين وهم “آمنة عسقلان، ومنور عبدو وشقيقتها، والشيخ بشير البكري، في حارة القيصرية، والشيخ حامد البسطامي”.
وباشر حلاوة العمل في المطعم فور خروجه من مدرسة الغزالية، لتصير الحياة حينئذ مدرسته الجديدة والدائمة، ليحفظ ويشهد على ما ترك العثمانيون في نابلس والبلدة القديمة خصيصًا.
خصوصية موقع المكان
وفي منطقة قريبة أمام مطعمه، يشير حلاوة بيديه إلى بناء قديم تطل منه شرفات شبه معلقة، وهو يقول “هذا مبنى السرايا الحكومي للدولة العثمانية وقد حوى مكاتب لوزارات الداخلية والزراعة والصحة والتعليم ويتقدمها مكتب القائم مقام”.
وفي مقدمة المطعم يتربع مسجد النصر المملوكي الأقدم في نابلس وبالقرب منه “برج المنارة” والذي تعتليه ساعة حائط كبيرة مرفقة بجرس نحاسي أهداها السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لأهل المدينة عام 1901 تقديرًا لهم، واحتفاءً بمرور ربع قرن على اعتلائه العرش، وهو واحد من سبعة أبراج شيدها حينها في مدن فلسطينية مختلفة.
حكايات المدينة.. في ذاكرته
وكل من يلتقي بالحاج “أبو عماد” ينال من المعرفة بالتاريخ القديم لنابلس الكثير، فبجعبته الكثير من الحكايات عن المدينة وأهلها، وعن حيوية البلدة القديمة سابقًا، لا سيما وعن والده وذكرياته.
ومن يدخل المطعم يشمُّ رائحة الأصالة، فالسيخ (سكين تقطيع اللحم الضخمة) أحضرها والده من مدينة حلب السورية قبل نحو قرن، والميزان قديم، أما الثلاجة فأحدث قليلاً وعمرها يفوق الـ50 عامًا، والطاولات قديمة مهترئة لكن الحاج حلاوة استبدلها أخيرًا، في حرص للحفاظ على الطابع التقليدي للمطعم.
كتبت:سمية النجار