أسرى

الأسير “الكممجي”… المناضل المثقف وطالب الحرية العنيد

منذ نعومة أضافره وهو يقارع المحتل، وهو الذي ذاق مرارة السجن في صغره وهو ابن الـ 17 ربيعاً، فأصبح مطارداً للاحتلال، وهو أحد الأسرى الستة الذي تحرروا عبر “نفق الحرية” من سجن جلبوع، في السياق حديث عن الحرّ رغم القيود أيهم الكممجي.

أمضى أيهم أكثر من نصف عمره في سجون الاحتلال، وحاول التحرر من معتقله عام 2014م،  ليتم اكتشافه ويعاقب بأشد أنواع العزل والحرمان، لكن العزيمة والإصرار في وجدانه دفعتاه ليعيد الكرة مع أفراد مجموعته نفسها قبل أسابيع، لينجحوا هذه المرة بتحرير أنفسهم من سجن “جلبوع” الذي يعتبر أشد السجون تحصيناً.

مسلسل مطاردة

 فؤاد كممجي والد الأسير أيهم، في حديث لـ”وكالة سند للأنباء” قال، بدأ الاحتلال بمطاردة ابني أيهم منذ 2003، بعد محاولته تنفيذ عملية عبر “سيارة مفخخة”، لكن السيارة تعطلت، ولم ينفذ أيهم عمليته الفدائية فأضحى مطارداً للاحتلال.

واعتقلت قوات الاحتلال الأسير الكممجي في عام 2006، وكان قد تعرض إلى ستة محاولات اغتيال ارتقى خلال إحداها الأسير أيمن راتب حريبات شهيداً.

وأشرف أيهم على عدة عمليات بطولية كان أهمها أسر المستوطن إلياهو أوشري من قبل نور وخير وليلى أبو رجيلة، وشاركهم فيها الأسير المجاهد حمزة الطقطوق،  تلك العملية البطولية التي انتهت بقتل المستوطن أوشري.

الاتصال الأخير ما قبل الاعتقال

وبفخر عبر والد الأسير، قائلًا إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من نجله فجر أمس الأحد، عندما داهمت قوات الاحتلال المنزل الذي يتواجد فيه برفقة مناضل انفعيات شرق مدينة جنين.

وتابع اتصل بي “أيهم” عند الساعة الـ 2:45 فجرًا، وأخبرني بمحاصرة الجيش للمنزل المتواجد فيه، وأنه سيُسلم نفسه حرصًا على سلامة الجميع بما فيهم العائلة التي لجأ إليها”.

وأعرب عن أمله باتصال من أيهم يخبره فيه أنه تمكن من دخول قطاع غزة أو لبنان، لكن المفاجأة كانت بوجوده معهم في جنين.

وأكد والد “أيهم” أن نجله كان يتمتع بمعنوياتٍ عالية، وثقة كبيرة بالنفس”، محملًا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته “أيهم”.

وأضاف “ابني أيهم، وأصدقائه أعادوا قضية الأسرى للواجهة وللعالم أجمع بعد أن كانت طي النسيان، ذكروا العالم بأناس أفنوا زهرة شبابهم، ومضوا عشرات السنين داخل السجن دون مجيب”.

حافظ للقرآن وخطيب وشاعر

وعن تفاصيل شخصيته، يحدثنا الوالد فؤاد، بأن فلذة كبده أيهم كان يتمتع بذكاء عالٍ وفطنة، ذو شخصية عنيدة، وتمكن من إتمام مرحلتي البكالوريوس والماجستير، وكان ينوي استكمال الدكتوراة.

وليس غريباً أن يطلق على كممجي لقب “المثقف المقاوم”، فهذا حال شباب فلسطين مكافحين في طريق العلم والجهاد، عشاقًا للأرض والوطن.

ويلفت والد أيهم، أن الاحتلال يحتجز ثلاثةً من أبنائه في الأسر، معبرًا عن ألم يعتصر فؤاده بذلك.

وأضاف “أيهم شخصية محبوبة داخل السجن، فهو الحافظ لكتاب الله، والخطيب المفوه، والشاعر المرهف، الذي لم يتوانى للحظة عن مواصلة كفاحه حتى وهو في معتقله من خلال خطب الجمعة، والتحريض على طلب الحرية”.

جميل في رقابنا

وبإجلال واحترام، اختتم والد أيهم الحديث قائلًا، “أنحني إجلالاً وإكراماً لعائلة أبو جعفر الذين احتضنوا ابني، في بيت عز وشهامة ورجولة وشرف، أنتم عنوان التضحية والشجاعة، والعمل الذي قاموا به لا يقل عن العمل الذي قام به أيهم وأصدقاءه، وجميلكم في رقابنا أيها الأحرار”.

وتوجه بالشكر لهيئة شؤون الأسرى، وللصليب الأحمر الذي أرسلوا وفد من المحامين لأيهم ومناضل، والذين كانوا على تواصل دائم.

وأشار إلى أن الزيارة الأخيرة لنجله كانت قبل انتزاع الحرية من سجن “جلبوع” بأسبوعين.

“نجوت من محاولتي اغتيال”

ذكر محامي هيئة شؤون الأسرى منذر أبو أحمد، الذي زار الأسير قبل عرضه على محكمة الاحتلال، أن أيهم ألحق بالاحتلال فشلًا أمنيًا، ونجا مع مناضل مرتين من الاغتيال خلال 48 ساعة، الأولى حينما أطلق الاحتلال عليهما النار في منطقة العفولة في اليوم الثاني من خروجهما من النفق.

وأوضح “رمى كممجي مقتنياته وبينها الحقيبة والراديو وأختبأ بين العشب، حيث كان أحد الجنود يمر من جانبه ولم ينتبه إليه، بينما كان أيهم يحدق في جندي آخر يفتش في حقيبته على مقربه منه، وأكمل بعدها المسير”.

وأشار إلى أن محاولة الاغتيال الثانية “تمت حين اقترب من منطقة التماس في محيط فتحة للجدار قرب معسكر سالم القريب من مدينة جنين، “ورغم ذلك تمكنا من دخول جنين”.

وأضاف أن كممجي نجح في الوصول إلى جنين في اليوم الثالث لخروجه من النفق، والتقى مجددًا مع مناضل انفيعات بعد ستة أيام من تاريخ انتزاع الحرية”.

“الجنة في جنين”

“رجعت إلى جنين نظرت إلى السماء وكلمت النجوم، وقلت فعلًا عدت إلى الجنة”؛ بهذه الكلمات وصف كممجي فرحة دخول أرض جنين بعد انتزاع الحرية من سجون الاحتلال.

ونوه المحامي “أبو أحمد” إلى أن “ما لم يحققه أيهم قبل إعادة اعتقاله هو زيارة قبر والدته التي توفيت عام 2018”.

ربع ساعة بين الخروج من المخيم والاعتقال

وقدم أيهم كممجي لمحامي هيئة الأسرى منذر أبو أحمد التفاصيل الدقيقة منذ لحظة وصوله مخيم جنين وحتى اعتقاله، مبينًا، “كنت حريصًا على ألا يتورط أي شخص معي في لحظة الاعتقال”.

وذكر “لحظة الاعتقال كانت حوالي الساعة 02:00 فجرًا حين انتقلت من مخيم جنين إلى بيت في الحي الشرقي للمدينة، وبعد حوالي ربع ساعة حاصر جيش الاحتلال هذا البيت وتم النداء عليّ عبر السماعات لتسليم نفسي”.

ولفت المحامي منذر أبو أحمد النظر إلى أن “أيهم مراقب من لحظة خروجه من المخيم حتى وصوله للحي الشرقي”.

وأوضح المحامي أخيرًا، أن أيهم رغم معاناته من أوجاع في الكتف والرقبة نتيجة الاعتداء عليه خلال الاعتقال، فإنه يتمتع بصحة جيدة، مشيرًا إلى أن الهيئة ستطالب بفحصه من قبل طبيب مختص.

المصدر:وكالة سند الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض