أثار إعلان الاحتلال “الإسرائيلي” 6 مؤسسات فلسطينية “منظمات إرهابية” رفضاً وغضباً فلسطينياً ودولياً لهذه الخطوة، التي يُخشى أن تكون مقدمة لإغلاق هذه المؤسسات وحظر عملها.
وأعلن وزير الأمن “الإسرائيلي” بيني غانتس 6 مؤسسات فلسطينية تعمل في مجال حقوق الإنسان ورعاية الأسرى والتنمية منظمات “إرهابية”، كما جاء في بيان صادر عن مكتبه ونشرته قناة كان (هيئة البث الإسرائيلية) أمس الجمعة.
ويتهم الاحتلال المؤسسات بارتباطها بـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، وأنها تُغطي هذا الارتباط بغطاء منظمات المجتمع المدني دولياً، وتحصل على مبالغ مالية كبيرة من دول أوروبية ومنظمات دولية لصرف معاشات لعائلات المعتقلين الفلسطينيين الأمنيين وعائلات شهداء فلسطينيين، ولنشطاء الجبهة الشعبية، ولتعزيز دورهم في مدينة القدس خاصة، على حد قول البيان.
مؤسسات حقوقية وتنموية
والمؤسسات الست المستهدفة هي مؤسسة الحق التي تمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، وعضوية الشبكة اليورومتوسطية لحقوق الإنسان، وعضوية المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، وعضوية التحالف الدولي للموئل، وهي فرع لجنة الحقوقيين الدوليين في جنيف.
ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وهي عضو في الشبكة العالمية لمناهضة التعذيب، وعضو في الائتلاف من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات، وعضو في الائتلاف الدولي لمناهضة سياسة العزل، وغيرها من ائتلافات محلية وإقليمية ودولية.
ثم الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، التي تعتبر أحد فروع الائتلاف الدولي للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، والتي تتمتع بصفة استشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” (UNICEF) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” (UNESCO) والمجلس الأوروبي.
والرابعة هي اتحاد العمل الزراعي، وهو مؤسسة زراعية أهلية غير حكومية، تأسست عام 1986 بمبادرة من مجموعة من المهندسين الزراعيين، وتعتبر واحدة من كبرى مؤسسات التنمية الزراعية في فلسطين، والتي تعتمد على عمل المتطوعين بالكامل.
والمؤسسة الخامسة هي اتحاد لجان المرأة الفلسطيني، وهو منظمة نسوية أهلية تأسست في العام 1980، وتعمل على الارتقاء بوضع المرأة الفلسطينية وتمكينها.
وآخر هذه المؤسسات هي مركز بيسان للبحوث والإنماء، وهو مؤسسة أهلية غير هادفة للربح تعمل منذ العام 1989 من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والمساهمة في بناء مجتمع فلسطيني تقدمي.
استهداف سياسي
وليست هذه المرة الأولى التي تُستهدف فيها هذه المؤسسات، كما يقول مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، فقد عملت “إسرائيل” في السنوات الأخيرة من خلال مؤسسات وتقارير توجهت بها للدول المانحة وخاصة الاتحاد الأوروبي على تجفيف الموارد المالية لهذه المؤسسات، وبعد فشلها في ذلك توجهت لهذه الخطوة التي وصفها بـ”السياسية”.
وبحسب جبارين، فإن السبب الرئيسي في هذه الملاحقة هو طبيعة عملها وفضحها للاحتلال دولياً. وتابع جبارين “بعض الزملاء ممن عملوا على ملف المحكمة الجنائية الدولية تلقوا تهديدات بالقتل في السابق”.
ويرى جبارين أن “الكرة الآن في ملعب المؤسسات الدولية تحديداً والدول التي تدعم هذه المؤسسات، في انتظار ما الذي ستقوم به لمواجهة الإعلان “الإسرائيلي”. نأمل أن يكون مدخلاً لعزل دولة الاحتلال على مستوى العالم”.
خطوة لها ما بعدها
وبحسب هذه المؤسسات، فإن الخشية ليس من هذا الإعلان، وإنما من الخطوات التي ستترتب عليه، كما يقول جبارين فإن هذا الإعلان يعني بشكل تلقائي التوجه لإغلاق المؤسسات، وهو التخوف ذاته الذي عبر عنه مدير مركز بيسان للأبحاث أُبيّ العابودي في حديثه للجزيرة نت، والذي تعرض مقره للاقتحام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في يوليو/تموز الماضي والعبث بمحتوياته ومصادرة ملفاته.
العابودي لم يستبعد خطوات من الاحتلال الإسرائيلي بالإغلاق والسيطرة على أصول المؤسسات المادية، وملاحقة موظفيها وحتى المستفيدين منها بالاعتقال.
وقال “نعاني من تضيق على عملنا منذ سنوات من خلال نشر الأكاذيب حول سرقة أموال الممولين وتحويلها لغير غايات المشاريع، وعندما وصل الاحتلال إلى طريق مسدود بهذه الأكاذيب لجأ إلى هذه الخطوة”.
وعن إجراءات المؤسسات لمواجهة القرار، قال العابودي “نحن متوجهون لفضح القرار دولياً، إلى جانب الرهان على الالتفاف الشعبي حول هذه المؤسسات، فهذه المؤسسات تستهدف لدورها في الشارع الفلسطيني”.
وعلى المستوى الدولي، أصرت عديد المؤسسات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان بيانات رفض لهذه الخطوة، من بينها مؤسسة “هيومن رايتس ووتش” (Human Rights Watch) ومنظمة العفو الدولية “أمنيستي” (Amnesty)، اللتان اعتبرتا في بيان مشترك أن هذا القرار هو اعتداء من قبل “إسرائيل” على الحركة الدولية لحقوق الإنسان.
وحذرت المؤسستان من وقف عمل “أبرز منظمات المجتمع المدني في فلسطين”. واعتبر بيانهما أن تعاطي المجتمع الدولي مع هذا القرار يعد اختبارًا حقيقيا لمبادئه المعلنة حول حماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
تحرك رسمي
وعلى المستوى الرسمي الفلسطيني، أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بياناً رفضت فيه هذا الإعلان، داعية المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته من أجل وقف محاولات إسرائيل تشويه مؤسسات الشعب الفلسطيني.
مساعد وزير الخارجية للمنظمات الخارجية والدولية عمر عوض الله قال لـ”الجزيرة نت” إنه سيكون هناك تحركات رسمية على مستوى الجمعية العمومية والمنظمات الحقوقية الدولية.
وتابع “سنكثف الحراك الدبلوماسي والقانوني الذي بدأناه في السابق، فالاستهداف الإسرائيلي للمؤسسات الفلسطينية لم يبدأ الآن، هناك حملة تشويه وملاحقة سابقة”.
ووصف عوض الله هذا القرار بأنه شكل من أشكال وسم الشعب الفلسطيني بالكامل بالإرهاب، ومحاولة إسرائيلية لتجريم العمل الفلسطيني بشكل عام وليس فقط المؤسسات.
وشدد عوض الله على أن ملاحقة هذه المؤسسات سببها بالدرجة الأولى دورها في مساءلة “إسرائيل” بشأن ما تقوم به من جرائم حرب بحق الفلسطينيين، والتقارير الحقوقية التي تقدمها للجهات الدولية.
المصدر: الجزيرة