الأخبار

الاستيطان يتضاعف في الضفة.. 19 مستوطنة جديدة تعمّق الاحتلال

في تطور وصفته بالأخطر منذ سنوات، أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة 19 مستوطنة يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ما يعكس تسارعًا غير مسبوق في مشروع الاستيطان، ويؤكد مضاعفة عدد المستوطنات خلال فترة زمنية قصيرة، وسط تحذيرات فلسطينية ودولية من تقويض ما تبقى من فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

 

ونبهت الصحيفة إلى أنه بموجب القرار الأخير، يرتفع إجمالي عدد المستوطنات التي أُقرت خلال السنوات القليلة الماضية إلى 69 مستوطنة جديدة، وفق ما أعلنه وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يقود عمليًا سياسة توسيع الاستيطان وفرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية.

 

ويُعد هذا الرقم قياسيًا مقارنة بكل الحكومات الإسرائيلية السابقة، ويؤشر إلى تحوّل الاستيطان من سياسة تدريجية إلى مشروع تسارع وتوسّع شامل.

 

ارتفاع الاستيطان بنسبة 50%

 

تشير معطيات منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للاستيطان إلى أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية ارتفع بنحو 50% خلال فترة حكم الحكومة الحالية.

 

ففي عام 2022، كان عدد المستوطنات 141 مستوطنة، بينما وصل اليوم إلى 210 مستوطنات بعد القرار الأخير، ما يعني عمليًا تضاعفًا شبه كامل للبنية الاستيطانية خلال فترة قصيرة.

 

وتُعد جميع هذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.

 

ورغم ذلك، تمضي دولة الاحتلال الإسرائيلي قدمًا في توسيع الاستيطان، متحدية قرارات الأمم المتحدة ومواقف غالبية دول العالم.

 

ويأتي هذا التصعيد الاستيطاني في توقيت بالغ الحساسية، إذ يتزامن مع ضغوط أميركية للمضي قدمًا في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيّز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

وتتضمن الخطة الأميركية حديثًا عن “مسار سياسي” محتمل نحو حل الدولتين، وهو ما ترى فيه الأوساط الفلسطينية أن الاستيطان المتسارع يهدف إلى إفشاله عمليًا على الأرض.

 

البؤر الاستيطانية العشوائية

 

وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية أن قرار مجلس الوزراء شمل إضفاء الشرعية بأثر رجعي على عدد من البؤر الاستيطانية العشوائية القائمة، إضافة إلى إنشاء مستوطنات جديدة على أراضٍ أُخليت منها تجمعات فلسطينية.

 

وتتنوع هذه المستوطنات من حيث الحجم، إذ تشمل بعضها مسكنًا واحدًا أو نواة استيطانية صغيرة، فيما تشمل أخرى مجمّعات سكنية وأبراجًا متعددة، ما يعكس مخططًا طويل الأمد لتكثيف الوجود الاستيطاني.

 

ومن بين المستوطنات التي جرى تقنينها رسميًا مستوطنتا “كاديم” و”جانيم”، وهما من بين أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية كانت قد أُخليت عام 2005 ضمن خطة “فك الارتباط”.

 

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد ألغت في مارس/آذار 2023 القانون الذي منع عودة المستوطنين إلى تلك المناطق، فاتحة الباب أمام إعادة الاستيطان فيها، وهو ما تحقق الآن رسميًا.

 

وتحتل دولة الاحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ حرب عام 1967، وهي أراضٍ يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقلة.

 

ويعيش اليوم أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، إضافة إلى أكثر من 200 ألف مستوطن في القدس الشرقية، في شبكة استيطانية تقطّع أوصال الأراضي الفلسطينية وتحاصر المدن والقرى.

 

وتسيطر على الحكومة الإسرائيلية الحالية قوى يمينية متطرفة مؤيدة للاستيطان، من بينها سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، اللذان يدفعان باتجاه تصعيد غير مسبوق ضد الفلسطينيين، سواء عبر الاستيطان أو عبر تشديد القبضة الأمنية والعسكرية.

 

وقد ترافق التوسع الاستيطاني مع تصاعد حاد في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

 

وخلال موسم قطف الزيتون في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وثّق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ما معدله ثماني هجمات يوميًا شنّها المستوطنون، وهو أعلى معدل منذ بدء توثيق هذه الانتهاكات عام 2006.

 

واستمرت الهجمات في نوفمبر/تشرين الثاني، حيث سُجّل ما لا يقل عن 136 هجومًا إضافيًا حتى 24 من الشهر نفسه.

 

وشملت هذه الاعتداءات إحراق مركبات فلسطينية، وتدنيس مساجد، ونهب مصانع، وتخريب أراضٍ زراعية، في ظل غياب شبه كامل للمحاسبة، واقتصار ردود الفعل الرسمية الإسرائيلية على إدانات لفظية متفرقة.

 

ويرى مراقبون أن القرار الأخير ببناء 19 مستوطنة جديدة لا يمثّل مجرد خطوة عمرانية، بل هو إعلان سياسي واضح بتكريس الاحتلال وفرض وقائع نهائية على الأرض، في وقت تتراجع فيه فرص الحل السياسي، ويتحوّل الاستيطان إلى الأداة الأبرز لإغلاق الباب أمام قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

المصدر: سند

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض