غضب فلسطيني وتحذيرات من إشعال الأوضاع بالقدس.. سابقة قضائية تسمح لليهود بالصلاة في الأقصى
في سابقة قضائية، وللمرة الأولى منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967، قضت محكمة الصلح “الإسرائيلية” في القدس المحتلة -أمس الأربعاء- بحق اليهود في أداء صلاة “صامتة” داخل الأقصى، وقالت القاضية اليمينية “بيلها ياهالوم” -التي أصدرت الحكم- إن الصلاة الصامتة “لا يمكن تفسيرها على أنها عمل إجرامي”.
وقد يبدو للقارئ أن الصلوات اليهودية ستبدأ في الأقصى من لحظة النطق بهذا القرار، لكنها فعلياً تحدث بشكل يوميّ داخل الأقصى منذ أشهر، وهذا ما أثبتته الصور والمقاطع المرئية التي يوثقها حراس الأقصى التابعون لدائرة الأوقاف الإسلامية، أو التي ينشرها ويتفاخر بها المستوطنون أنفسهم على منصاتهم الإعلامية.
تنفيذ سابق للقرار
فعلى سبيل المثال، اقتحم أكثر من 1600 مستوطن إسرائيلي المسجد الأقصى وأدوا صلواتهم داخله خلال عيد “العُرش” العبري في سبتمبر/أيلول الماضي. ومن قبل ذلك دأبت شرطة الاحتلال على تأمين الاقتحامات في ساعات الصباح وبعد الظهيرة، وعملت في الوقت ذاته على تفريغ مسارات المقتحمين من المصلين المسلمين، عبر استدعائهم للتحقيق أو اعتقالهم وإبعادهم عن المسجد.
القرار القضائي بشرعنة الصلاة جاء لإلغاء منع شرطة الاحتلال الحاخام المتطرف “أرييه ليبو” من دخول المسجد الأقصى، بعد محاولاته العديدة لأداء الصلوات فيه، فيما علّق محاميه “موشيه بولسكي” على السماح لموكله بالصلاة في الأقصى قائلاً “من غير المعقول أن يُمنع اليهود من الهمس بالصلاة، بينما يمكن للمسلمين في الحرم القدسي أن يفعلوا ما يريدون؛ الصلاة، وإلقاء محاضرات دينية، ولعب كرة القدم، وحتى الشغب، لكن اليهود يشعرون بأنهم غرباء في هذا المكان المقدس”.
هل المشكلة بمستوى صوت الصلاة؟
يوضح أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف مصطلح “الصلاة الصامتة” الواردة في القرار القضائي بأنها صلاة توراتية طبيعية، والفارق في ادعاء محكمة الاحتلال أن المشكلة في علانية هذه الصلوات أو مستوى صوتها، والتساهل في هذا الموضوع يعني بالضرورة أن الخطوة القادمة ستكون السماح برفع أصوات المستوطنين في صلواتهم داخل المسجد كما يجري في المسجد الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل.
ويضيف معروف لـ”الجزيرة نت” “المشكلة لا تتعلق بمستوى الصوت في الصلاة التوراتية التي يقيمها هؤلاء في الأقصى، لأن أصل المشكلة هي بوجود الاحتلال ومستوطنيه داخل الأقصى وحوله، كما أن الاحتلال لن يقنع بمجرد أداء صلوات بصوت منخفض، لأن الهدف المعلن هو تحقيق وجود يهودي دائم في الأقصى عبر إقامة مبنى للعبادة وأداء الطقوس داخل المسجد.
وقد سبق القرار القضائي انتهاكات متعددة للمستوطنين في الأقصى، كان أحدثها وأخطرها رفع العلم “الإسرائيلي” عدة مرات داخل ساحاته، وتحريض “منظمات جبل المعبد” على دائرة الأوقاف الإسلامية والدعوة لطردها من الأقصى واعتبارها منظمة إرهابية.
الأوقاف: لا نعترف بمحاكم الاحتلال
ويؤكد مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني عدم اعتراف الأوقاف الإسلامية بشرعية الاحتلال، وبالقرارات التي تُنفذ بقوة السلاح في الأقصى عبر عناصر الشرطة والقوات الخاصة والمخابرات والجيش، واصفاً الحكومة “الإسرائيلية” بالمتطرفة من رأسها إلى متطرفيها الذين يقتحمون الأقصى.
وحمّل الكسواني -في حديثه لـ”الجزيرة نت”- الاحتلال المسؤولية الكاملة عن رد الفعل تجاه السماح لصلاة اليهود في الأقصى، وقال “بالتشجيع والسماح للمتطرفين انتهاك حرمة الأقصى، والاستهتار بمشاعر المسلمين، سيشعلون فتيل حرب دينية في الأقصى”.
ويأتي هذا القرار تزامناً مع الذكرى السادسة لما عُرف بهبّة القدس أو انتفاضة السكاكين في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، حيث انتفض الفلسطينيون ضد انتهاكات حرمة الأقصى والاعتداء على النساء فيه.
نقلة خطيرة
الأمين العام للهيئة الإسلامية والمسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات حاتم عبد القادر أكد أيضاً لـ”الجزيرة نت” أن هذا القرار قد يشعل الأوضاع مجدداً داخل القدس والأقصى، لأن الفلسطينيين لن يسمحوا بإقامة طقوس صامتة أو غير صامتة، قائلا إن شرعنة صلاة اليهود في الأقصى يعتبر تطورا دراماتيكيا وخطيراً باتجاه تقسيم زماني ومكاني فعلي، ونقلة نوعية في الاعتداءات على الأقصى، قد تمهد لاعتداءات أكبر.
دعوات لتحرك أردني ودولي
ومن الناحية القانونية يقول المحامي المختص في شؤون القدس والأقصى خالد زبارقة إن قرار المحكمة الإسرائيلية لا يساوي شيئا، “لأنها سلطة قضائية تخدم الاحتلال، وأصبحت أحد الأدوات لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، بعيدا عن النزاهة”.
ونبه زبارقة من أن “صاحبة الوصاية والرعاية والولاية على الأقصى هي المملكة الأردنية الهاشمية، وأي تغيير لاتفاق الوضع القائم من قبل الاحتلال هو مساس بتلك الوصاية، ومساس بالدرجة الأولى للقدسية الدينية للأقصى، من إسلامية حصرية للمسلمين إلى قدسية يهودية”. وطالب بتحرك دولي عاجل وتحرك من طرف الأردن والسلطة الفلسطينية لحماية الأقصى وردع العبث الإسرائيلي فيه.