الزنانة.. نذير شؤم
“طول ما انتو سامعين صوت “الزنانة” ما تفكروا تعملوا اشي في البلد.. الله يمضي هالفترة على خير”.
هذا ما قاله أحد المواطنين لمجموعة من النسوة في مدينة نابلس، كن يخططن لتنظيم معرض خاص للمشغولات اليدوية.
وما هي إلا لحظات حتى عاد نفس الصوت في سماء المدينة “الزنانة”، ليعيد حديثه “الله يستر من هالليلة، وفوق كل الي بصير بطلنا نعرف طعم النوم من صوتها”.
“الزنانة” هو الاسم الذي يطلقه الفلسطينون على طائرة الاستطلاع المسيرة، التي يستخدمها الاحتلال في تصوير المناطق الفلسطينية، ويعتبرونها نذير شؤم عند سماع صوتها المزعج.
ويرى أهالي نابلس أن “الزنانة” التي تواصل التحليق ليل نهار، جعلت من الحصار المفروض على المدينة ومحيطها منذ أكثر من سبعة أيام، معاناة إضافية، فلمجرد سماع صوتها يفكرون مليا في فتح أعمالهم أو إغلاقها.
وكثفت الزنانة طلعاتها في سماء نابلس منذ أكثر من أسبوع، وكانت عاملا أساسيا في تتبع خط سير الشهداء الثلاثة: أدهم مبروكة، ومحمد الدخيل، وأشرف مبسلط، في شباط الماضي، وغيرهم، حسب ما نشر الإعلام العبري من فيديوهات تداولها نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
ذاتها “الزنانة” واظب جيش الاحتلال على استخدامها في عدوانه على قطاع غزة، لتكون مهمامها بشكل أوسع من التصوير والتعقب، كالاغتيال والتصفية الجسدية، وتوجيه الطائرات الحاملة للقاذفات.
وكان رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، أعطى آواخر الشهر الماضي الضوء الأخضر، لاستخدام طائرات بدون طيار مُسلّحة، لتنفيذ عمليات اغتيال بالضفة الغربية.
ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي جلال رمانة، “إن أول ظهور للطائرة بدون طيار أو الزنانة في إسرائيل، كان عام 1969، وقامت بالحصول على صور لأهداف أردنية ومصرية حينها، واستغلت هذه الصور في حرب 1973، وكان الهدف في بدايتها التحليق لمدة 50 ساعة والقيام بـ10 مهامات على الأقل، وبلغت سرعة الطائرة 160 كم / ساعة في حينه، ويمكن أن يصل مداها إلى 100 كم”.
ويضيف في حديث خاص لوكالة “وفا”، “أنه بعد عام 1973 استطاعت شركة “تدران” الإسرائيلية أن تطور طائرات جديدة من غير طيار وأطلق عليها جيش الاحتلال اسم “سورك”، بمعنى الباحث بدقة، وجرى استيعابها في سلاح الجو الإسرائيلي عام 1978، وكان لها أثر كبير عام 1981 بعد أن استطاعت الحصول على صور لبطاريات الصواريخ السورية التي جرى تدمرها في حينه”.
ويؤكد أن طائرتي “سورك” و”زهفان”، كان لهما دور في اجتياح عام 1982، موضحا أن إسرائيل استمرت في تطويرها وانتجت نوعا جديدا اسمه “هنتر” وباعت منه للولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية، وكان لها دور في الحرب على العراق وكوسوفو.
وتابع رمانه “في عام 2005 استطاعت إسرائيل تطوير الطائرة من غير طيار والتي أطلقت عليها “هيرون”، وباعت منها للبرازيل وألمانيا، وكوريا الجنوبية، والاكوادور، وأستراليا، وكندا، واليونان، وأذربيجان، والهند، وأميركيا بنحو 70 طائرة في ذلك الوقت”.
ويوضح أنه عام 2016 أطلقت إسرائيل على الطائرة اسم “كتمام”، وتحتوي على نظام تفجير ذاتي وتعمل لعدة أيام متواصلة دون أن يتم استرجاعها إلى الأرض، أما الطاقم الذي يتعامل معها يجب أن يكون متيقظا دائما ويعمل لساعات قصيرة، ويتم استبداله بشكل متكرر حتى لا يفقد التركيز.
ويؤكد رمانه أن حكومة الاحتلال تعتمد بشكل كبير على هذه الطائرات المسيرة خاصة خلال حروبها الأربعة الماضية على قطاع غزة، وكذلك خلال الانتفاضة، وذلك للمراقبة والاغتيالات، ويمكن لها أن تحمل صواريخ وتطلقها بدقة، وهناك مؤشرات لاستخدامها على نطاق واسع في أرجاء الضفة الغربية، والمدن العربية داخل أراضي الـ48 في ظل تصاعد الأحداث وتطورها.
يذكر أن أول ظهور للطائرة المسيرة كان خلال الحرب العالمية الثانية عام 1943 والتي استخدمها وطورها اليابانيون؛ لتحمل موادا متفجرة للوصول إلى أهدافها على سواحل الولايات المتحدة، وجاءت إسرائيل من بين 6 دول على قائمة تصنيع أخطر 10 طائرات مسيرة عسكرية نشرها موقع “آرمي تكنولوجي” (Army Technology) الأميركي مطلع العام 2020.
المصدر: وكالة وفا