الأخبار

ترحيب فلسطيني بتقرير لـ”العفو” الدولية يتهم “إسرائيل” بممارسة “الفصل العنصري”

رحبت فلسطين، اليوم الثلاثاء، بتقرير منظمة العفو الدولية “أمنستي”، الذي اتهم “إسرائيل” بأنها دولة فصل عنصري.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إن تقرير منظمة العفو الدولية إثبات إضافي لأن “إسرائيل” دولة فصل عنصري وتجب مساءلتها، وإن هذا الواقع البغيض للإجرام والإفلات من العقاب لا يمكن أن يستمرّ تجاهله ونكرانه من المجتمع الدولي.

وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بإخضاع إسرائيل للمساءلة والمحاسبة.

كما دعت المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، من دون مماطلة، ليشمل تحقيقها رسميا ارتكاب “إسرائيل” لجريمة الفصل العنصري التي تعدّ جريمة ضد الإنسانية.

حماس تُشيد

وأشادت حركة المقاومة الإسلامية حماس، بتقرير العفو الدولية وقال هشام قاسم، رئيس الدائرة الإعلامية في حركة حماس (إقليم الخارج)، في بيان، إن حركته تنظر بتقدير واحترام إلى جهود منظمة العفو الدولية، في إصدار تقريرها المهني الذي يضع الحقائق في نصابها.

وقال “التقرير يصف الواقع المأساوي لشعبنا الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال على حقيقته، من خلال اعتبار كيان الاحتلال بأنه نظام فصل عنصري، ويطبق سياسة الأبارتهايد في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة”.

واعتبر أن هذا التقرير مساهمة جديدة في تعرية الاحتلال “الإسرائيلي”، ورفع الغطاء الذي حظي به سنوات وعقودا طويلة، سواء من خلال ما توفره الدول الاستعمارية الكبرى له من دعم، أو غض الطرف عما يرتكبه من انتهاكات وممارسات بشعة.

وقال إن الحملة “الإسرائيلية” ضد منظمة أمنستي، على خلفية إصدار هذا التقرير، بمثابة جهد آخر يُضاف إلى عنصرية الاحتلال اللاإنسانية، وذلك من خلال سعيه لمحو الحقائق وتغييبها عن الرأي العام العالمي.

فصل عنصري ضد الفلسطينيين

واتهمت منظمة العفو الدولية أمنستي إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، وطالبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار، في مؤتمر صحفي عُقد في مدينة القدس الشرقية، للإعلان عن تقرير أعدته بهذا الشأن، بمساءلة “إسرائيل” لارتكابها جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلًا عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى.

وهذه هي المرة الأولى التي تقول فيها منظمة العفو الدولية إن “إسرائيل” تمارس الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

وجاء التقرير في 182 صفحة بعنوان: نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) “الإسرائيلي” ضد الفلسطينيين: نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية.

وقالت كالامار في المؤتمر الصحفي “يوثق التقرير كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية، تُشكّل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي”.

وأضافت “يتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبَيَّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلًا عنصريًّا وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرّفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري).

ودعا تقرير العفو الدولية، المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما ناشد جميع الدول ممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.

واجب المجتمع الدولي التصرف

وقالت كالامار في المؤتمر”إن تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل، وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في قطاع غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج”.

وأضافت “تبين لنا أن سياسات التفرقة ونزع الملكية والإقصاء القاسية المتبعة في جميع الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل تصل بوضوح إلى حد الفصل العنصري. ومن واجب المجتمع الدولي التصرف”.

وتابعت “ما من مبرر ممكن لنظام بُنِي على القمع العنصري المُمَأسس والمطوّل لملايين الناس. ولا مكان للفصل العنصري في عالمنا، والدول التي تقرر أن تقبل تجاوزات إسرائيل ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ”.

وأكملت كالامار قائلة “الحكومات التي تواصل تزويد “إسرائيل” بالأسلحة وتحميها من المساءلة في الأمم المتحدة تساند نظام فصل عنصري، وتقوّض النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني”.

ودعت أمنستي المجتمع الدولي إلى مواجهة واقع الفصل العنصري في “إسرائيل”، وأن يتبع السُبل العديدة المؤدية إلى العدالة، التي من المعيب أنها لم تُستكشف بعد.

وفي تعريفها نظام الفصل العنصري، أشارت المنظمة الدولية، في التقرير، إلى أنه منظومة مُمأسسة للقمع والهيمنة تمارسها جماعة عرقية ضد أخرى.

وتابع التقرير “يُظهر البحث الواسع والتحليل القانوني اللذان أجرتهما منظمة العفو الدولية بالتشاور مع خبراء من خارجها أن إسرائيل تُطبّق هذا النظام (الفصل العنصري) ضد الفلسطينيين من خلال قوانين وسياسات وممارسات تضمن إدامة معاملتها العنصرية القاسية لهم”.

أفعال محرمة

وقالت المنظمة إنها “وثّقت أفعالًا مُحرّمة في اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي في كافة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، مع أنها تحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصورة أكثر تكرارًا وعنفًا مما يحدث في إسرائيل”.

وتابعت “وتطبّق السلطات الإسرائيلية تدابير متعددة لحرمان الفلسطينيين عمدًا من حقوقهم وحرياتهم الأساسية، بما في ذلك قيود قاسية على حرية التنقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاستثمار الضئيل المزمن القائم على التمييز في المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل، وحرمان اللاجئين من حق العودة”.

كما يوثّق التقرير النقل القسري، والاعتقال الإداري (بدون محاكمة)، والتعذيب، وأعمال القتل غير المشروعة في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووجدت منظمة العفو الدولية أن هذه الأفعال تُشكّل جزءًا من هجوم ممنهج وواسع النطاق موجه ضد الشعب الفلسطيني، وتُرتكب بنيّة إدامة نظام القمع والهيمنة. لذا فهي تشكل جريمة الفصل العنصري المرتكبة ضد الإنسانية.

معاملة الفلسطينيين كتهديد ديموغرافي

وأشار تقرير منظمة العفو، إلى أن الحكومات “الإسرائيلية” المتعاقبة اعتبرت الفلسطينيين تهديدًا ديموغرافيًّا، وفرضت تدابير للسيطرة على وجودهم ووصولهم إلى الأراضي في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضاف “تتضح هذه الأهداف الديموغرافية جيدًا من الخطط الرسمية لـ(تهويد) مناطق في إسرائيل والضفة الغربية، ومن ضمنها القدس الشرقية، وهو ما يظل يُعرّض آلاف الفلسطينيين لخطر النقل القسري”.

ولفتت أمنستي إلى أن “إسرائيل” منذ تأسيسها عام 1948، انتهجت سياسة تكوين أغلبية دموغرافية يهودية ثم الحفاظ عليها، وتعظيم سيطرتها على الأراضي والموارد لمنفعة الإسرائيليين اليهود.

وأضافت أنها وسّعت هذه السياسة في 1967 لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة (بعد احتلالهما في ذلك العام).

وقالت “اليوم تستمر إدارة كافة الأراضي التي تخضع لسيطرة إسرائيل بما يفيد الإسرائيليين اليهود على حساب الفلسطينيين، فيما يستمر إقصاء اللاجئين الفلسطينيين”.

جماعة عرقية دونية

وأضافت منظمة العفو الدولية أن السلطات “الإسرائيلية” تعامل الفلسطينيين كجماعة عِرقية دونية يُحددها وضعهم العربي غير اليهودي.

وقال التقرير “يترسخ هذا التمييز العنصري في القوانين التي تؤثر في الفلسطينيين في كل أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وأشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين والمنحدرين منهم، الذين هُجّروا في حروب 1947 و1949 و1967، يُحرمون من حق العودة إلى أماكن إقامتهم السابقة.

وأضاف “يُعدّ إقصاء إسرائيل للاجئين انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ترك الملايين معلّقين في حالة تهجير قسري دائمة”.

كما “يُواجه الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية -الذين يُشكلون نحو 21% من السكان- أشكالاً عديدة من التمييز المُمَأسس”.

ويوثّق التقرير كيف يُمنع الفلسطينيون فعليًّا من الاستئجار في 80% من أراضي دولة إسرائيل نتيجةً لعمليات الاستيلاء العنصرية على الأراضي، ولوجود شبكة من القوانين التمييزية المجحفة بشأن توزيع الأراضي وتخطيطها وترسيمها.

وقال “إن عقودًا من المعاملة غير المتساوية والمتعمدة بحقّ الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية جعلتهم معرضين بثبات للحرمان الاقتصادي، مقارنةً مع الإسرائيليين اليهود”.

وقدّمت منظمة العفو الدولية، توصيات لكيفية تفكيك السلطات الإسرائيلية لنظام الفصل العنصري، وكذلك أركان التمييز، والشرذمة، والقمع التي تديمه.

ودعت إلى وضع حد للممارسة الوحشية المتمثلة بهدم المنازل وعمليات الإخلاء القسري كخطوة أولى.

وقالت إنه ينبغي لـ”إسرائيل” منح جميع الفلسطينيين المقيمين فيها وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة حقوقًا متساوية بما يتماشى مع مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وأضافت أنه ينبغي لها كذلك الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين والمنحدرين منهم في العودة إلى ديارهم التي كانت فيما مضى تعيش فيها عائلاتهم، وتقديم تعويضات كاملة إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

وقالت أنياس كالامار “لا يجوز بعد الآن أن يقتصر الردّ الدولي على الفصل العنصري على الإدانات العقيمة والمراوغة؛ فإذا لم نعالج الأسباب الجذرية، سيظل الفلسطينيون والإسرائيليون أسرى دوامة العنف التي دمرت حياة عدد كبير جدًّا من الناس”.

وأضافت أنه ينبغي لـ”إسرائيل” تفكيك نظام الفصل العنصري والبدء في معاملة الفلسطينيين كبشر متساوين في الحقوق والكرامة مع غيرهم. وإلى أن تفعل ذلك، سيظل السلام والأمن احتمالَيْن بعيدَي المنال للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

الدولة اليهودية

وفي المقابل قالت العفو الدولية، في تقريرها، إنها تُقر بأن اليهود -شأنهم شأن الفلسطينيين- يطالبون بحق تقرير المصير.

وأضافت “لا نطعن في رغبة “إسرائيل” في أن تكون وطنًا لليهود؛ وبالمثل لا نرى أن تسمية “إسرائيل” نفسها (دولة يهودية) تشير بحدّ ذاتها إلى نية بالقمع والهيمنة”.

الرد الإسرائيلي

وأغضب هذا التقرير الحكومة الإسرائيلية التي قالت، أمس الاثنين، إنه يقوم “بإعادة تدوير الأكاذيب والتناقضات والمزاعم التي لا أساس لها من الصحة الصادرة عن منظمات الكراهية المعروفة بمناهضة إسرائيل، وكل ذلك بهدف إعادة بيع البضائع التالفة في عبوات جديدة”.

ووجهت “إسرائيل” الاتهام إلى منظمة العفو الدولية “بمعاداة السامية”.

المصدر : وكالة الأناضول + الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض