الأخبار

“أيقونة البلدة القديمة”.. تعرف إلى الحارة التي انعكست ثقافتها في نابلس

في المنطقة الجنوبية الغربية من البلدة القديمة في نابلس، تنبثق حارة الياسمينة، “أم دمشق الصغرى” كما يصفها سكانها، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد.

تدلٍ آخذ للياسمين

واكتسبت الياسمينة اسمها من تدلٍ آخذ لزهر الياسمين في طرقاتها وأزقتها، ولا يكاد يخلو بيتٌ من بيوتها من شجرة ياسمين.

وتتسم بيوت الياسمينة بالضيق والانخفاض مع إضاءة معتمة، تعود لعادات سكانها الأوائل “الطائفة السامرية”، والتي تعتبر طائفة محافظة وغير منفتحة على عالمها الخارجي، انتقل سكانها من مملكة “شكيم” بعد تدميرها وسكنوا داخل حي خاص بهم في حارة الياسمينة أطلق عليه حي السمرا ..وتركوا الحي نهائيا بعد عام 1948 إلى منطقة أخرى غرب الياسمينة.

تتابع الثقافات

وتعتبر حارة الياسمينة واحدة من أكثر حارات البلدة القديمة عراقة وأصالة، إذ اكتسبت أهميتها من المعالم الدينية والتاريخية فيها، وأبرزها جامع الساطون الذي يعتبر أول مسجد بني في نابلس مع بداية العصر الإسلامي، ومسجد الخضراء الذي يعتقد أن النبي يعقوب “عليه السلام” اعتكف به حزناً على النبي يوسف “عليه السلام”.

وتركت الطوائف والحضارات التي تتابعت على فلسطين بصمتها في حارة الياسمينة، بدءًا بالكنعانيين وتباعًا، السُمرا والآشوريين والرومان والصليبيين، ليأتي الفتح الإسلامي ومن ثم العثمانيين، التي أثبتت كل حضارة منهن ملكيتها بالأرض بفرض ثقافتها كعلامة.

فمثلاً، عرفت الياسمينة بقصورها العثمانية، ومنها قصر عبد الهادي وقصر الخماش وقصر أبو شلبك وقصر الكيلاني، كما ويوجد بها حمامين عامين هما حمام السمرا الذي يعتقد أنه أنشئَ عام ١٥٠ قبل الميلاد وحمام القاضي الخماش، كما يوجد بها 5 مصانع للصابون النابلسي.
وأيضًا، يوجد في الياسمينة خمسة عيون مائية من أصل 53 عين في مدينة نابلس، لكنها استحدثت وتحولت إلى أحواز تضح المياه إلى البيوت.

انعكاس ثقافة مدينة بأكملها

ومن حارة الياسمينة، انعكست ثقافة مدينة بأكملها، فمنها انطلقت عادات “الشعبونية” المأخوذة من شهر شعبان، وفقدة شعبان، والتواشيح الدينية في رمضان، التي تضم التهاليل والقراءات القرآنية، وعادة الدلايل التي توزع فيها الكنافة بدلًا من القهوة في العزاء.

تاريخ من النضال

وعرفت الياسمينة بما تُرك فيها من بصمات في تاريخ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكانت المحرك لكل الأحداث النضالية في نابلس، ذلك بأنها أقدم الحارات وأكثرها احتضانًا للقادة والمقاومين والنشطاء ضد الاحتلال.

فمثلًا، كان الرئيس الراحل ياسر عرفات “أبو عمار” متخذًا منها ملجئاً له، باعتبارها متاهة الغزاة والمحتلين لكثرة الأزقة فيها، وكان الاحتلال الإسرائيلي لا يستطيع الدخول والهجوم على حارة الياسمينة إلا بمرافقة عملاء يدلوهم على طرق الحارة.

وقدمت الياسمينة عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى والأسرى والمطاردين، ومن أبرز شهدائها القائد العام لكتائب شهداء الأقصى نايف أبو شرخ، وقائد الجبهة الشعبية أيمن الرزة، والقائد العام لحركة الشبيبة فتح محمود الجميل، وشقيقه مؤيد الجميل، ومن أبرز المناضلين لشهداء الأقصى، وعماد الناصر، وهاني التَين، وناصر البوزي، ومجدي مرعي، وفادي العروان، وجهاد أبو صالحة وغيرهم الكثير.
يذكر أن الياسمينة واحدة من حارات ست، هن العقبة والياسمينة والحبلة والقريون وقيسارية والغرب، اللواتي يشكلن مجتمعات تاريخ البلدة القديمة في نابلس، ويتميزن بمعمار ومعالم خاصة، تبرز فيها طرز إسلامية ومملوكية أصيلة.
ومهما دوّن أو عرف عن حارات البلدة القديمة، فإن الكثير يظل مخبوءًا في طيات التاريخ والحجارة، والبلدة في أصلها ساحرة وعميقة ممتدة، يؤمل من المؤرخين والمهتمين بالآثار الالتفات نحوها والتدوين بشأنها، لكي يُحفظ ما عرف من التاريخ قبل أن يزوّر.

تحرير:سمية النجار
المصدر: مواقع إلكترونية

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض