Site icon تلفزيون المدينة

وسط صمت رسمي وغضب شعبي.. اتفاقية لربط الكهرباء الأردنية بالمياه الإسرائيلية

لا يزال الحديث عن اتفاقية رباعية تجمع الأردن وإسرائيل والإمارات وأميركا لتبادل الكهرباء والماء بين عمّان وتل أبيب يغلف بصمت رسمي أردني رغم الحديث المتصاعد عن الاتفاقية في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية.

الاتفاقية أو مذكرة التفاهم -التي يرجح التوقيع عليها اليوم الاثنين في معرض إكسبو دبي 2021 وفق وسائل إعلام إسرائيلية– تأتي بعدما توصل الأردن وإسرائيل إلى اتفاق بدعم وتمويل إماراتي ورعاية من الإدارة الأميركية ينص على بناء محطة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية لتوليد الكهرباء لصالح إسرائيل. في المقابل، سيتم إنشاء محطة تحلية مياه مخصصة للأردن على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

ويوقع على الاتفاقية المغلفة بغطاء “مذكرة تفاهم تنظم التعاون في مجال مواجهة التهديدات المناخية” كل من وزير المياه والري الأردني محمد النجار، ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إضافة إلى المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وإذا تم التوقيع على اتفاقية مشروع “الكهرباء مقابل الماء” فإنه سيشكل المشروع الإستراتيجي الثاني للربط بين إسرائيل ودول الجوار العربي، ويأتي بعد اتفاقية شراء الغاز الطبيعي التي اخترقت بموجبها تل أبيب كلا من عمّان والقاهرة، وفق محللين.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة لطالما حرصت على ربط الأطراف العربية ودول المنطقة بإسرائيل عبر مشاريع إستراتيجية تتعلق بالطاقة والمياه، وهو ما يعني -حسب المعارضة الأردنية- “صهينة الطاقة العربية، ورهن مستقبل الأردنيين والمنطقة بيد الاحتلال الإسرائيلي”.

صمت رسمي

المباحثات الرباعية الأردنية الإسرائيلية الإماراتية برعاية أميركية حول بنود الاتفاقية استمرت طوال الأشهر الستة الماضية وحظيت بسرية تامة بين الأطراف المتحاورة، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، وكان مقررا التوقيع عليها في قمة المناخ في غلاسكو الأسكتلندية، إلا أن الطرف الإسرائيلي طلب تأجيلها.

المتحدث الرسمي لوزارة المياه والري الأردنية عمر سلامة قال في حديثه لـ”الجزيرة نت” إنه “لا علم لديه بالمطلق حول الاتفاقية أو أي تفاصيل حولها”.

فيما ذكر مصدر مسؤول لـ”الجزيرة نت” أن “بنود مذكرة التفاهم حول اتفاقية الكهرباء مقابل الماء أحيطت بسرية تامة، ولا يعلم تفاصيلها سوى شخصيتين رسميتين، وزير المياه والري محمد النجار إحداهما”.

أما وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية فلا علم لديها بأي تفاصيل حول الاتفاقية، وفق مصدر مسؤول بالوزارة.

اتفاقية مفاجئة

اقتصاديا، يرى وزير المياه الأردني الأسبق رائد أبو السعود أن “الحديث عن الاتفاقية شكّل له مفاجأة”، مضيفا أن “إسرائيل تدير العديد من محطات تحلية مياه البحر الأبيض على السواحل الفلسطينية المحتلة، وإذا ما تمت الاتفاقية فإنه يتوقع أن يتم “تزويد الأردن بـ100 مليون متر مكعب في المرحلة الأولى قابلة للتوسع في مراحل ثانية، يتم تزويدها للمناطق السكانية شمال الأردن، والتي تبعد مسافة 40 كيلومترا بين البلدين”.

مقابل ذلك -والحديث لأبو السعود- يتم تزويد إسرائيل بـ1.2 غيغاوات من الكهرباء المنتجة من محطة الطاقة الشمسية التي ستقام في جنوب أو شرق المملكة، وتتم تسوية مالية بحسب الاتفاقية بين البلدين حول أسعار الكهرباء والماء.

خطر وجودي

الخبير في مجال الطاقة عامر الشوبكي قال للجزيرة نت إن اتفاقية بناء محطة طاقة شمسية في جنوب الأردن لتغذية الجانب الإسرائيلي بالكهرباء مقابل إقامة محطة تحلية مياه على شواطئ مدينة حيفا لتزويد الأردن بالمياه المحلاة من شأنها أن “تخرج أمن قطاعي الطاقة والماء من يد الأردن لصالح الاحتلال الإسرائيلي، مما يشكل خطرا وجوديا على المملكة”.

وتابع الشوبكي أن المخطط من وراء هذه الاتفاقية أن “تصبح دولة الاحتلال مركزا للشرق الأوسط في مجال الطاقة والمياه والتجارة”.

وقدم الشوبكي لحكومة بلاده دراسة مفصلة لإقامة محطة تحلية مياه على خليج العقبة (350 كلم جنوب الأردن)، وجر المياه للعاصمة عمّان ومحافظات الشمال، مع إقامة محطة للطاقة الشمسية في جنوب المملكة توفر الطاقة النظيفة وبنسبة صفر انبعاثات كربونية للمشروع، وبتكلفة تصل إلى 600 مليون دولار.

ويتميز المشروع المقدم في دراسة الشوبكي -حسب حديثه- بأنه “وطني بامتياز، ومستدام ويحقق أهدافه بتغذية الأردن بمياه الشرب”، ويمكن تمويل المشروع عن طريق الطرح العام في سوق الأوراق المالية ويكتتب بها الشعب الأردني والبنوك والصناديق الوطنية، بالإضافة إلى المنح والتمويل الدولي كمشروع صديق للبيئة ويواجه التغيرات المناخية.

وتقام محطة الطاقة الشمسية في الأردن بدعم وتمويل إماراتي، وفق وسائل إعلام أميركية، مما يشير -حسب محللين- إلى أن الإمارات وبعد توقيعها اتفاقية السلام مع إسرائيل باتت طرفا رئيسيا في المشاريع الإستراتيجية مع الإسرائيليين على شاكلة هذا الاتفاق، ويلقى ذلك قبولا أردنيا.

اعتداء على السيادة

سياسا، ترى المعارضة الأردنية في الاتفاقية “اعتداءً صارخا على السيادة الأردنية، ورهنا للقطاعات الحيوية بيد الاحتلال الإسرائيلي، وخروجا عن موقف الشعب الأردني الرافض لكافة أشكال ‏التطبيع مع الاحتلال”، بحسب حديث الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة.

أما منسق حملة “غاز العدو احتلال” هشام البستاني المناهضة لاتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل فيرى في الاتفاقية “تحكم إسرائيل بمستقبل الأردنيين في قطاعات الكهرباء والغاز والمياه، وسيطرة صهيونية على المنطقة العربية برمتها عبر مشاريع إستراتيجية كبرى”.

المصدر : الجزيرة
Exit mobile version