“هذا الأمر يحتاج إلى سجن”، هكذا بدأت قصة الشيخ الفلسطيني المهتمّ بتفسير القرآن وعلومه مع ما يدعوه “الإعجاز العددي في القرآن الكريم“، والتي استنبط منها النبوءة الشهيرة عن زوال “إسرائيل” في العام 2022.
بدأت الحكاية منذ اطلاع الشيخ بسام جرار على كتاب لرجل مصري, يُدعى رشاد خليفة، وَسَمَ خليفة كتابه بعنوان “معجزة القرآن الكريم.
وكان عمل خليفة متناقضًا، فمن جهة يتضمّن مقدمات من شأنها أن تقود إلى معطيات أكثر وأكبر حول زوال “إسرائيل”، ومن جهة أخرى تضمّن العمل تلفيقات وكأنّها متعمدة، وبسبب التلفيقات التي تورّط بها خليفة، اتُّهم بالبهائية، ثمّ ما لبث أن ادّعى الرسالة، ثم اغتيل في العام 1990.
هذه الأسباب كلّها كافية لصرف النظر عن متابعة الشيخ جرار البحث، إلا أنّه رأى في حينه أن عدّ حروف المصحف، في ذلك الوقت الذي كان يخلو من التطبيقات الإلكترونية المساعدة، يحتاج إلى فريق لا يمكن أن يجده إلا في السجن.
وسُجن الجرار بالفعل بعد ذلك في سجن النقب الصحراوي “أنصار 3″، وأَرسلت له زوجته الكتاب مع المحامي، لتبدأ الرحلة الجدّية مع عشرة شباب في السجن في إحصاء أحرف فواتح السور، وهي الرحلة التي أفضت أوّل الأمر عن كتابه “إعجاز الرقم 19 في القرآن الكريم”، لتتوالى بعد ذلك عشرات البحوث والدراسات والكتب.
زوال “إسرائيل” عام 2022
أمّا حكاية زوال “إسرائيل” عام 2022، والمبنيّة في أصلها على نظرية إعجاز الرقم 19، فلم تكن لتخلو بدورها من المفارقة كذلك، إذ كان الباعث عليها نبوءة عجوز يهودية، بأن هذه الدولة لن تدوم أكثر من 76 سنة، وبالرغم من أنّ هذه النبوءة لم تَرُق للشيخ أول الأمر، فإنّه تابعها لاحقًا، لفحص صدقيتها.
وعلى الرغم من أنّ جرار يملك المقدّمات العددية التي ساعدته في الكشف عن ذلك، إلا أنه أكدّ في أكثر من موضع أن الأمر غير مؤكد 100%، ولكن الأبحاث منذ العام 1992م إلى اليوم زادت جرار قناعة بصدقيّة التوقعات إلى درجة تتعدى الـ 95%.
وفيما يتعلق بالنبوءة القرآنية في سورة الإسراء، يوضح جرار أنه عمل على تفسير فواتح سورة الإسراء في 8 دروس يضاف إليها درس تاسع بعنوان وعد الآخرة فتكاملت الصورة.
أما متى؟!، فيقول جرار: “كان لا بدّ من مفتاح، وتمثّل هذا المفتاح في أول كتاب أخرجناه عام 1990م يتعلق بالإعجاز العددي في القرآن الكريم، وبعد سنتين تبيّن لنا أنّ اليهود لديهم نبوءة تتعلق بالمسألة وفواتح سورة الإسراء تنص بوضوح أنّ الله سبحانه وتعالى قد أنزل النبوءة في التوراة: “وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ….. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ…”. وفي الاعتقاد الإسلامي أنّ التوراة قد حُرّفت، وهذا يعني أنّ فيها ما هو حق. ومن هنا كانت بداية البحث في القرآن الكريم للتحقق من صدقيّة زمن النبوءة”.
ويفيد أن الناظر في عدد الآيات التي تتحدث عن زوال “إسرائيل”، والمعروفة بـ(وعد الآخرة) في آيتين هما: “فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرةِ لِيَسُوؤواْ وُجُوهَكُمْ”، و”فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً”، و سيجد أن عدد الأحرف بلغ 2022، باستخدام منهج تحويل الأحرف إلى أرقام، وفق نظام الجمل التاريخي القديم بترتيب (أبجد هوز) الرقمي.
واعتبر جرار أن ما يحدث مع فلسطين، كما حدث مع دولة افغانستان التي احتلها الاتحاد السوفييتي، واعتقد الناس حينها أن أفغانستان دخلت بطن الدب الروسي الشيوعي، ولا شك بهضمها، إلا أن المفاجأة كانت بانهيار أعظم اتحاد، بعد 11 سنة، ويُخرج الدب الروسي من بطنه عددا من الجمهوريات المستعمرة.
وفيما يتعلق بقوة الولايات المتحدة الأمريكية، ودعمها لدولة الاحتلال، يرى أن أميركا تتجه إلى تراجع عالمي، خاصة بعد انهيار الدولار، ما يعني انهيار الاقتصاد، الأمر الذي سيؤثر على “إسرائيل” على مستوى الشعب والقيادة عام 2022، يُضاف إلى ذلك تراجع أهميّة “إسرائيل” بالنسبة للغرب الذي أوجدها لأهداف لم تعد ذات جدوى.
ويقول جرار: “لو نظرنا إلى واقع الأمة عندما قامت إسرائيل عام 1948م لوجدنا أنّ السائد كان هو الأميّة، والتخلف العلمي والتكنولوجي، وعدم الثقة بالنفس والشعور بالدونيّة في مواجهة الغرب، وقدرة الاستعمار على التلون والخداع إلى درجة أننا ظننا أننا قد حققنا الاستقلال وامتلكنا إرادتنا وقدرتنا على الفعل المستقل”.
ويشير: إلى أن “الواقع يختلف اختلافًا كبيرًا؛ من حيث الوعي، والعلم، وإدراك الواقع على حقيقته، بأننا لم نستقلَّ يومًا، ولم نكن نمتلك إرادتنا طوال أكثر من قرن، وتبيّنت حقيقة الأنظمة الحاكمة المصنوعة بألوان خادعة”.
المصدر: الجزيرة + وكالات
تحرير: هالة حسون