Site icon تلفزيون المدينة

هل ازدهار العملات المشفّرة يعطل الصناعة المصرفية؟

أدت الطفرة في الشركات التي تقدم قروضًا بالعملات المشفرة وحسابات الودائع ذات العائد المرتفع إلى تعطيل الصناعة المصرفية وجعل المنظمين يتدافعون للحاق بالركب.

وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قال الكاتبان إريك ليبتون وإفرات ليفني إن “بلوكفي”، وهي شركة مالية ناشئة سريعة النمو يقع مقرها الرئيسي في مدينة جيرسي، تطمح إلى أن تكون في مقام بنك “جي بي مورغان” للعملات المشفرة.

ويضيف الكاتبان أن هذه الشركة تقدم بطاقات الائتمان والقروض والحسابات المدرة للفائدة، ولكن بدلا من التعامل بالدولار بشكل أساسي، تعمل بلوكفي في عالم يتسع بسرعة للعملات الرقمية، وهي تنتمي لجيل جديد من المؤسسات التي تعمل بشكل فعال على إنشاء نظام مصرفي بديل مبني على التكنولوجيا.

ويتابع الكاتبان أن الجهات التنظيمية الحكومية والفدرالية في الولايات المتحدة وبعض أعضاء الكونغرس، يعتقدون أن دخول العملات المشفرة إلى البنوك يمثل سبباً للقلق.

ويرى الكاتبان أن هذا النوع من التكنولوجيا يعمل على تعطيل عالم الخدمات المالية بسرعة كبيرة وغير متوقعة لدرجة أن المنظمين للقطاع المالي يبقون متأخرين عن الركب كثيراً، مما قد يترك المستهلكين (العملاء) والأسواق المالية عرضة للخطر.

ويلفت تقرير الصحيفة الأميركية إلى أن كبار المسؤولين من مجلس الاحتياطي الفدرالي والجهات التنظيمية المصرفية الأخرى يعملون في الوقت الحالي وعلى وجه السرعة فيما أطلقوا عليه “سباق العملات المشفرة”، في محاولة للحاق بالتغيرات السريعة وتحديد كيفية الحد من المخاطر المحتملة لهذه الصناعة الناشئة التي تميز تاريخها بقدر كبير من التكهنات عالية المخاطر والتقدم التكنولوجي.

احتيال

بحسب الصحيفة، حذر المسؤولون الفدراليون وسلطات الدولة من أن صناعة الخدمات المالية المشفرة معرضة في بعض الحالات للاختراقات والاحتيال، كما أنها تعتمد على الابتكارات المحفوفة بالمخاطر.

ووفق الصحيفة، خسرت منصة التشفير “بولي نتوورك” -خلال الشهر الماضي- ولفترة وجيزة 600 مليون دولار من أصول عملائها بسبب المخترقين، حيث وقع استرجاع معظمها بعد أن توسل مؤسسو الموقع إلى اللصوص للتراجع.

الكاتبان أضافا أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أنشأت مكتبا قائما بذاته لتنسيق التحقيقات في العملات المشفرة والأصول الرقمية الأخرى، وجندت أكاديميين ذوي خبرة ذات صلة لمساعدته على تتبع التغييرات السريعة، علما بأن الأمر من الممكن أن يستغرق عاماً على الأقل لكتابة القواعد أو تمرير التشريعات في الكونغرس، وقد يصدر المنظمون إرشادات مؤقتة لتحديد بعض التوقعات من أجل فرض السيطرة على الصناعة.

وقال الكاتبان إنه وقع بالفعل استهداف بلوكفي من قبل المنظمين في 5 ولايات اتهموها بانتهاك قوانين الأوراق المالية المحلية، في حين تشمل مخاوف المنظمين المزيد من العروض التجريبية المقدمة من قبل مجموعات مثل “بانكيك سواب”،  التي تتباهى بأنه يمكن لمستخدميها كسب ما يبلغ 91% من العائد السنوي على ودائع العملات المشفرة.

مخاوف

وفق الصحيفة الأميركية، أعربت وزيرة الخزانة الأميركيّة جانيت يلين، ورئيس مجلس المحافظين للنظام الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، عن مخاوفهما حيال هذه الصناعة الناشئة حتى في الوقت الذي يدرس فيه بنك الاحتياطي الفدرالي وغيره من البنوك المركزية ما إذا كان سيصدر عملات رقمية خاصة بهم.

وأشار باول -حسب الصحيفة- إلى انتشار ما يسمى بالعملات المستقرة، وهي عملات رقمية ترتبط قيمتها عادة بالدولار وتستخدم كثيراً في تحويلات الأموال الرقمية وغيرها من المعاملات مثل الإقراض.

ولفت باول خلال شهادته أمام الكونغرس في يوليو/تموز الماضي إلى أن الأصول الآمنة التي نخزّن فيها أموال الشعب ليست متوفرة بالنسبة للعملات المستقرة.

نماذج متعددة

ذكر الكاتبان في تقريرهما أن الخدمات المصرفية للعملات المشفرة تتوفّر لدى مجموعة واسعة من الشركات، كما توجد هناك شركات تعمل على نماذج مشابهة لتلك الخاصة بالبنوك التقليدية الموجهة نحو المستهلك، مثل بلوكفي، التي تأمل بحلول نهاية هذا العام في الحصول على ودائع العملاء المشفرة.

ومن ناحية أكثر تطرفاً -يضيف الكاتبان- هناك التمويل اللامركزي، وهو أقرب إلى “وول ستريت” للعملات المشفرة، ويقضي التمويل اللامركزي على الوسطاء البشريين مثل الوسطاء وموظفي البنوك والتجار، ويستخدم بدلاً من ذلك الخوارزميات لإجراء المعاملات المالية، مثل الإقراض والاقتراض.

ويوضح الكاتبان أن المشرعين والمنظمين يشعرون بالقلق من أن المستهلكين ليسوا دائماً على دراية كاملة بالمخاطر المحتملة لخدمات التشفير الجديدة التي تشبه البنوك ومنصات التمويل اللامركزية.

ويقول الكاتبان “في الواقع، ليست حسابات الودائع المشفرة مؤمنة على المستوى الفدرالي، وقد لا يتم ضمان المقتنيات إذا ساءت حال الأسواق. وقد يواجه الأشخاص الذين يقترضون بضمان عملاتهم المشفرة إمكانية تصفية ممتلكاتهم، أحيانا في أسواق مؤتمتة بالكامل وغير منظمة”.

كسر القالب المصرفي

بحسب تقرير الصحيفة الأميركية، يكون التحدي التنظيمي أكبر عندما يتعلق الأمر بمطوري تمويل التشفير الناشئين الآخرين، نظرا لأنها أسواق آلية بشكل أساسي تديرها برامج حاسوب تعمل على تسهيل المعاملات دون الحاجة لتدخل بشري. وتكمن الفكرة في القضاء على الوسطاء والجمع بين المشترين والبائعين على أساس تقنية “بلوك تشين”، وهي التكنولوجيا التي تقف وراء العملة المشفرة خاصة وأن المواقع لا تجمع حتى المعلومات الشخصية للمستخدمين.

ويعتبر مؤسسو هذه الأنواع من المنصات أنهم لا يقومون سوى ببناء “بروتوكول” يقوده في النهاية مجتمع من المستخدمين، مع تشغيل رمز الحاسوب للعرض بشكل فعال.

 ما العمل؟

يرى بعض المشرعين أن أحد الخيارات الجديرة بالاهتمام يتمثل في حظر البنوك في الولايات المتحدة من الاحتفاظ بالودائع النقدية لدعم عملات مستقرة.

أما الخيار الثاني الآخر الذي يقول البعض إنه يمكن أن يقوض النظام البيئي المشفر بأكمله، فيتلخّص في إنشاء دولار رقمي تصدره الحكومة.

وفي هذا الشأن، يقول باول “لن تحتاج إلى عملات مستقرة أو مشفرة إذا ما كنت تملك عملة أميركية رقمية”.

المصدر: نيويورك تايمز

Exit mobile version