لم يكن إصرار المفاوض الإسرائيلي في الجولات السرية في أوسلو على تقسيم الضفة لمناطق”A وB وC” نابعًا من فراغ تفاوضي، خلصت لحوزة المناطق المصنفة “C” على زهاء 40% من الأراضي.
وتمثل المنطق “C” الخاضعة للصلاحيات الأمنية والإدارية الإسرائيلية عمقًا استراتيجيًّا لمشاريع الاحتلال ومستوطناته وبضمنها المناطق والمدن الصناعية، عمق بدأ يتجذر بشكل مجنون بخاصة في شمال الضفة الغربية.
ويرصد المختص في شؤون انتهاك الاستيطان للبيئة رائد الموقدي، 35 بؤرةً للموت هي مصانع للكيماويات تقع في محافظة سلفيت.
قاتل متجول
ويحذر “الموقدي” من النتائج الوخيمة والخطيرة لآلية التخلص من مخلفاتها الخطيرة بنقلها عبر شاحنات خاصة، فيما تتدفق بعضها الآخر عبر الوديان والتلال القريبة لتشكل في محصلتها معالم القاتل المتجول في أنحاء الضفة الغربية.
وأكدّ “الموقدي” لـ “وكالة سند للأنباء”، أن المخلفات السائلة والصلبة تؤثر على نقاء ورصيد المياه الجوفية والمخاطر على حياة الإنسان والبيئة بل وحتى المواشي ومنتجاتها.
وتعاني قرى وتجمعات بسلفيت دهرها فهي بالكاد تسلم من الأمراض الجديدة التي ينقلها البعوض والحشرات وما تلبث أن يتصدر أذى الخنازير اللائحة بسبب اعتمادها على تلك المخلفات.
ومثلت إدارة المصانع الكيماوية أمام هيئات القضاء الإسرائيلية بسبب قضايا رفعتها مؤسسات إسرائيلية تدافع عن البيئة، ما أجبرها على نقل تلك المصانع للمناطق الصناعية الحدودية كما هو في المنطقة الصناعية الملاصقة لأحياء طولكرم والمناطق الصناعية للمستوطنات كما هو حال مستوطنات سلفيت.
وفي حسابات الإعمار الفلسطيني والمخططات الهيكلية للتجمعات الفلسطينية يقول “الموقدي”، إن المناطق الصناعية نالت فرصتها ولا تزال في التوسع والنمو بينما حرمت التوسع العمراني والحق في السكن على الفلسطيني.
إعفاءات وحوافز
ومنحت الإعفاءات الضريبية الحكومية للمصانع لسنوات تشجيعًا خاصًا وحوافز اقتصادية ساهمت في توفير أيدي عاملة رخيصة وأراضي مصادرة غير عابئة بالمخاطر المحدقة بالفلسطيني .
دراسة خطيرة
وحصلت “وكالة سند للأنباء”، على نص دراسة مهمة للباحث المهندس عصام القاسم رصدت ما بين عشرة إلى اثني عشر مصنعًا في منطقة “غيشوري” قرب طولكرم، لإعادة تدوير عبوات الغاز.
ويكشف “القاسم” عن آلية للتخلص من المخلفات الخطيرة عبر حفريات كبيرة يتم بيع ترابها الأحمر بمبالغ باهظة وتدفن مكانها المخلفات الخطيرة ملحقة الضرر بحوض المياه الرئيسي لطولكرم في المنطقة.
ويرى” القاسم”، أن للمصانع مخاطر أخرى منها انخفاض الطلب على الأراضي والشقق والاستخدامات الزراعية والتجارية وهي خسائر كبيرة لا يمكن حصرها حالياً نظراً للنمو المضطرد في الابتلاع اليومي للأرض والإنسان.
ملاحقات ولكن
وقال مدير بيئة طولكرم أمجد جبر لـ”وكالة سند الإخبارية” إن المسؤولية تقع على عاتق الجهات المختصة تحارب ناقلي المخلفات بشاحنات وصهاريج لأطراف المدينة وتقديمهم للعدالة بعد تحذيرات متتالية.
ويرفض الاحتلال منح الفلسطينيين تراخيص إقامة محطات تكرير وتنقية المياه العادمة، وتتكفل السلطة بمصاريف نقل تلك المخلفات للداخل ويتم خصم تلك المبالغ من المقاصة.
كتب: نواف العامر
المصدر: وكالة سند للأنباء