أصل حكاية الحلويات في “أم الحلو” هو الكنافة النابلسية بشقيها “الناعم” و”الخشن” ويحتويان على نفس المكونات غير أن تقنية صنع العجينة مختلفة وهنا يكمن سر اختلاف الطعم والشكل
ما إن تدخل بين حواري البلدة القديمة في دمشق الصغرى (نابلس) وأزقتها -ولا سيما هذه الأيام- حتى تحدثك نفسك بالبقاء وقضاء أكبر وقت ممكن هناك.
لن تمل وأنت تشاهد معامل ومحال الحلويات النابلسية تطرح نتاجها بعد تحضيرات طويلة لشهر رمضان، وهو موسم تبدو فيه هذه الصناعة مميزة أكثر من غيرها.
أم الحلو.. نابلس
في شهر رمضان تكون مدينة “أم الحلويات” أو “أم الحلو” باللهجة العامية قد استعدت جيدا لإعداد شتى أصناف الحلويات وما لذ وطاب منها، ومع ذلك يبقى لبعض الأنواع رونقها وحضورها رغم التنوع كما الحال في الكنافة والقطايف والعوامة والتمرية والفطير.
كل تلك الأصناف يدخل في تركيبها الطحين والسميد والسكر والجبن والسمن البلدي والنباتي ليضفي عليها مذاقا طيبا، لكن سر التميز يكون باحتراف التصنيع.
ولهذا يرد النابلسيون على كل سائل عن سر التميز في منتجهم بالقول “إنها مهنة الآباء والأجداد”، وهذا ما لمسناه واقعا خلال إعدادنا للتقرير لنرى الأبناء والأحفاد وقد تسلموا عهدة العمل وبدؤوا بالإنتاج فعلا.
الكنافة.. الأصل
وأصل حكاية الحلويات في “أم الحلو” هو الكنافة النابلسية بشقيها “الناعم” والمصنوعة من الطحين المحمص والمحشو بالجبن البلدي والمغمور بالقطر، وتعد مفرودة فوق سدر غالبا ما يكون من النحاس وهو الأفضل.
والشق الآخر من الكنافة هو “الخشن”، والتي تحتوي على نفس المكونات، غير أن العجينة تكون خشنة و”مشللة”، والجبنة لا تفرد فوق العجينة وإنما تحشى بداخلها، وتعد على شكل أصابع ملفوفة بطريقة فنية جميلة وتسمى “برمة”.
ويحكي أهل نابلس أن الكنافة أعدت في وقت سابق لزمن مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان في دمشق، وكان يعرف بأنه أكول، وعندما كان يتناول سحوره في رمضان لم يكن شيء يسد جوعه غير الكنافة، حيث أعد له الطبق عندما زار نابلس.
القطايف وأخواتها
القطايف هي عجين مخمر ورائب، ويعد منه الصغير ويسمى “عصافيري”، فالمتوسط، فالأكبر منه قليلا، وقد يكون القرص كبيرا جدا وهذا يعد حسب رغبة الزبون، وتحشى القطايف بالجوز أو اللوز أو الجبن البلدي، ويضاف إليها القطر للتحلية.
ومن عجينة مشابهة لعجينة القطايف بإضافات بسيطة تصنع العوامة، وتعد على شكل كرات صغيرة بقليها في الزيت النباتي المغلي لبضع دقائق، ثم ترفع وتغرق بالقطر لبضع ثوان قبل رفعها منه.
وبين هذا وذاك تصنع التمرية، وتتكون من قسمين، الأول “حلوى السميد” وهي خليط من السميد والماء والسكر، حيث تطبخ جيدا ثم تترك ليلة كاملة لتبرد.
والقسم الآخر وهو العجين، حيث توضع قطع السميد المحلى فوق العجين المفرود وتلف لتصبح مربعة أو دائرية الشكل وتقلى بالزيت النباتي المغلي لبضع ثوان وتقدم ساخنة.
الفطير وخدود الست
ويجمع النابلسيون بين كل تلك الحلويات على المائدة الرمضانية، غير أن جزءا كبيرا منهم يميل للفطير باعتباره أقل دسما، ومن أسمائه “خدود الست” و”وربات شامية” و”البسكوتة”.
والفطير مصنع من طبقات رقيقة من العجين المحمص والمحشو إما بالجبن أو بـ”البالوزة”، وهي أشبه بالقشدة، وتصنع داخل محال الحلويات من الحليب المطبوخ، ثم تغطى بالفستق الحلبي المطحون للطعم والزينة، والذي يرش فوق معظم الحلويات النابلسية.
حلويات السوق غير
ويزداد الشغف عند الناس -ولا سيما في شهر رمضان- لدخول محال الحلويات وتتبع عملية صناعتها ومراقبتها ويلقون ترحيبا كبيرا من أصحاب تلك المحال.
والجميل أن معظم النابلسيين يمكنهم إعداد هذه الحلويات في منازلهم، ولا سيما الكنافة بأنواعها، ورغم ذلك لا يستغنون عن شرائها من السوق حيث إن الطعم والشكل مختلفان.
كتب: عاطف دغلس