“لمّ الشمل”.. حلمٌ تحقق بعد سنوات من كابوس الغربة
تأشيرة دخول لوطن يضم أهلًا وأحبةً صار سجنًا، وتحولت الزيارة إلى كابوسٍ طويل، تمر من فوقه السنين جرحًا وغصةً لما يقارب 5 آلاف عائلةٍ فلسطينيةٍ.
فتيات قدمن من دول عربية أو أجنبية أو من قطاع غزة للزواج، وشبان قدموا للعمل أو لقاء الأهل إلى الضفة الغربية، رفض الاحتلال لسنوات طويلة المصادقة لمنحهم وأولادهم هوية فلسطينية، ورفض تغيير مكان إقامتهم ما جعلهم عرضة للترحيل.
ولسنوات، عانى 22 ألف فلسطيني ممن يطالبون بحقهم المتمثل بـ”لمّ الشمل” من خطر الترحيل المستمر، ومن صعوبة التنقل بين مدن الضفة خشية أن يصادفهم حاجزًا ويطلب جنود الاحتلال هويات غير موجودة، ويتم ترحيلهم قسرًا عن عائلاتهم، وإعادتهم للمكان الذي جاؤوا منه.
ولمّ الشمل هو الإدراج في السجل المدني، للحصول على هوية، وجواز فلسطيني، و”رقم وطني”، تحدده دولة الاحتلال، وهو حق يُحرم منه ملايين اللاجئين، وآلاف العائدين.
ويسيطر الاحتلال على كافة النقاط الحدودية، ويتحكم بالسجل المدني، ولا تملك السلطة صلاحية إجراء أيّ تغيير عليه.
غياب الهوية
الفلسطينية ديانا قدورة واحدة من الناشطات في حراك “لمّ الشمل حقي”، دخلت الضفة الغربية قادمة من الأردن عام 2011، بتأشيرة سياحية “إسرائيلية”، تزوجت شاباً فلسطينياً، وهي اليوم أم لطفلين.
تقدمت قدورة (35 عامًا) إلى دولة الاحتلال، عبر هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، بطلب للمّ شملها بزوجها ومنحها الهوية الفلسطينية، لكن ملفها يراوح مكانه منذ 10 سنوات.
تقول قدورة لـ”الأناضول”: “تزوجت منذ 10 سنوات، وأُعَد مخالِفة للأنظمة، لأنني قدمت من الأردن بتأشيرة “إسرائيلية انتهت صلاحيتها”.
وعن حرمانها من لمّ الشمل، تقول إنه أضرّ بها كثيرًا “لا يوجد معي إثبات شخصية، وهذا يؤثر في كل شيء، جميع الحريات مفقودة ومعدومة؛ حرية التنقل والأهم حرية السفر”.
سجناء في مدنهم
وتقول قدورة، إنها تعيش في ما يشبه “السجن”، مضيفة أن “من حق الشخص الطبيعي أن يزور أهله ويزوروه، لا أحد يزورنا ولا نزور أحدا”.
وتضيف “فقط نتحرك (المحرومون من الشمل) داخل محافظاتنا، لم أزر أي محافظة فلسطينية، ولم أقم إلا بزيارة واحدة إلى أريحا”، وتخشى ديانا كثيراً انتشار جيش الاحتلال في أغلب المناطق، فقد يوقفها ويبعدها خارج الضفة.
وتقول إنها لا تحاول الاقتراب من حواجز الاحتلال وأماكن وجودها، مضيفة “لما أشوفهم أخاف، خاصة إذا سألوني عن هويتي”.
وأشارت ديانا قدورة إلى أن حملة “لمّ الشمل حقي” أُطلقت منذ شهور وساعدت كثيراً على التعريف بقضية طالبي لم الشمل، وانتشر وسم “لم الشمل حقي” على نطاق واسع.
وأخيرًا، استجابت هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية لمطالب المشاركين في حراك “لمّ الشمل حقي” والذي ينطق باسم آلاف العائلات الفلسطينية.
وأعلن رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطيني الوزير حسين الشيخ في وقت سابق، عن اتفاق مع حكومة الاحتلال على منح 5 آلاف تصريحٍ، للمّ شمل العائلات الفلسطينية دفعة أولى.
وأشار الشيخ في تغريدة على “تويتر” إلى أن هذه “دفعة أولى على طريق إنهاء هذا الملف بالكامل في إطار جدول متفق عليه”.