وصف صحفي بريطاني انقطاع خدمة منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك“مؤخرًا بأنه جاء كإنذار، ذلك لأن عالم الإنترنت الذي نعوِّل عليه كثيرًا بدا أكثر هشاشة مما نظن.
وتعجب الناس ما الذي قد يؤدي إلى إخراج شركة بحجم “فيسبوك” من الإنترنت، هل هو هجوم سيبراني شنته دولة من الدول، أو هو فعل شنيع مماثل؟ هكذا تساءل الصحفي والمؤلف البريطاني جيمس بول في مقاله بصحيفة “صنداي تايمز”.
ويجيب الكاتب عن ذلك التساؤل قائلاً إن ما حصل كان شيئاً عاديًا في واقع الأمر، فقد عبث شخص ما في مكان ما ببعض الإعدادات الأساسية فأحدث فيها تغييرًا.
فقدان الخدمة
وكان نتيجة ذلك أن توقفت إحدى شركات التقنية عن الخدمة “لربع يوم كامل”، لكن الواقع أن الإنترنت أكثر هشاشة مما نظن وهو مدعاة للقلق، نظرًا لأننا ندير شؤوننا اليوم عبر الشبكة العنكبوتية بدءًا من الأعمال المصرفية والتسوق، واستخدام البريد الإلكتروني، والمرسلات وليس انتهاءً بها.
وكانت أعطال قد ضربت تطبيقات “فيسبوك” مجددًا بعد أيام قليلة من انقطاع واسع في المنصات التابعة لها -وخاصة واتساب- يوم الاثنين الماضي لحوالي 6 ساعات، عزته إدارة المنصة إلى خطأ في الإعدادات كبدها خسائر بمليارات الدولارات.
ويعتبر بول أن أشد نقاط ضعف الإنترنت تكمن في الأمور العادية التي تحدث في عالم الواقع، فالبشر يعتمدون في الحقيقة في تسيير أمور دنياهم على كوابل بحرية تمتد لمئات الآلاف من الأميال عابرة للقارات والدول، لتطوق العالم بشبكة إنترنت.
وهناك خرافة تقول إن أسماك القرش تقضم تلك الكوابل من حين لآخر، إلا أن زوارق الصيد هي التي تشكل في الحقيقة الخطر الأكبر عليها إذ تمزقها أثناء صيدها للأسماك.
وشبكة الإنترنت -برأي بول- مرنة بما فيه الكفاية مما يجعلها قادرة على التعافي من تلك الحوادث المتفرقة، فالشركات تستخدم زوارق لانتشال الكوابل المعطوبة من قيعان البحار وإصلاحها، لكن إذا تعرضت كوابل كثيرة للكسر في وقت واحد، فإن ذلك يعني أن شبكة الإنترنت -وكل الخدمات التي تعتمد عليها- ستختفي لأيام أو حتى أسابيع في وقت واحد.
خطر من الخارج
ويمضي الكاتب إلى القول إن ثمة خطرًا كبيرًا آخر يأتي من خارج كوكب الأرض، ليس من غزو كائنات فضائية، بل من الشمس، ففي كل بضعة عقود، تقذف الشمس توهجات عاتية غير اعتيادية باتجاه الأرض عبارة عن انفجارات هائلة من الطاقة المغناطيسية.
وهذه التوهجات الشمسية -كما يؤكد مقال صنداي تايمز- لا يمكن التنبؤ بها، أو ليست ظواهر منتظمة، ما يعني أنها قد تصيب الأرض في أي لحظة دون سابق إنذار.
والعاصفة المغناطيسية التي يتسبب فيها أي توهج شمسي لا تشكل خطورة على البشر، لكنها قد تحدث خرابا في الأجهزة الإلكترونية، كما قد تطيح بالأقمار الصناعية، وربما تؤدي إلى تحطم نظام تحديد المواقع عالميا “جي بي إس” ، والإضرار بالمكونات الرئيسية في الكوابل الملقاة لمسافات طويلة في أعماق البحار.
بيد أن الضرر لن يلحق بالألياف نفسها، بل بالإلكترونيات المستخدمة لتقوية الإشارة التي تنتقل عبر الكوابل، وهذا يعني أن خدمة الإنترنت قد تشتغل داخل دولة من الدول، لكن كل دولة قد تصبح معزولة عن جاراتها والقارات الأخرى.
وروى كاتب المقال كيف أن شركة باكستانية مزودة لخدمة إنترنت حاولت ذات مرة حظر نشر مقطع فيديو واحد على يوتيوب فأزالت الموقع برمته عن أكثر من نصف العالم، فيما أعادت شركة نيجيرية صغيرة توجيه معظم العطاءات العالمية إلى محرك البحث غوغل عبر الصين.