في خيمة تجاور قبور الأموات، تعيش السيدة الكفيفة ياسمين أبو جاموس (33 عامًا) وزوجها وطفلتيهما الكفيفتين روان (4 سنوات) وتهاني (عامان)، في مقبرة النمساوي وسط خانيونس جنوب قطاع غزة، في ظروف قاسية مليئة بالخوف والفقر والجوع.
وتتفاقم معاناة الأم الكفيفة وطفلتيها في ظل افتقار خيمتهم لأدنى مقومات الحياة، فلا غذاء ولا مواد تنظيف، ولا أغطية ولا فرشات كافية، إلى جانب الخوف الذي تعيشه الأم نظرًا لسكنها قرب الأموات.
تغلب دموع “ياسمين” كلماتها، وهي تروي بعضًا من تفاصيل معاناتها قائلة: “حياتنا في المقبرة مرّة كتير، خوف على الدوام من ليل المقابر، والكلاب الضالة والحشرات التي لا تفارقنا وتأذينا منها كثيرًا”
وعن تفاصيل فقدانهم منزلهم الذي يحتضنهم في بني سهيلا، توضح “أبو جاموس” في مقابلة تابعتها “وكالة سند للأنباء”: “قصف الاحتلال منزلًا ملاصقًا لمنزلنا في بني سهيلا فتدمر منزلنا بالكامل”.
وتسرد: “كنت أنا وبناتي لحالنا بالبيت سمعت صوت انفجار قوي، بعدها صارت الأشياء توقع في البيت علينا حجارة وأثاث وزينقو، طلعت أصرخ بالشارع وأنا ما بعرف القصف وين بالتحديد”.
وأجبرت حرب الإبادة المستمرة عائلة “أبو جاموس”، على النزوح أكثر من مرة وفي إحدى المرات اضطرت للجلوس بالشارع مع بناتها لمدة أسبوعين تحت القصف والخوف، وقبل 4 شهور تقريبًا تبرع لها أحد الأشخاص بخيمة ولكن لم تجد مكانا تنصبها فيه إلا المقبرة”.
حزن وخوف مضاعف..
تصف “أبو جاموس”، الحياة بجانب الأموات وتقول: “كنت بخاف قبل الحرب أمشي من جانب المقبرة، ما كنت بتخيّل يجي يوم أعيش بين الأموات خاصة في ظل ظروفي كإنسانة فاقدة لنعمة البصر”.
وتضيف: “أنا لا أرى جثامين الشهداء ولا أعرف كيف شكل القبور، لكني أسمع من الجيران عن قصصهم وكيف أهاليهم بكونوا بوضع صعب لما بودعوهم، بحزن كتير عليهم وبخاف بنفس الوقت”.
ظروف قاسية
وتخشى الأم الكفيفة على طفلتيها الكفيتين أيضًا، حيث كانت تخشى إخراجهم لخارج الخيمة عندما نزحت على المقبرة، وتقول: “ما كنت أطلّعهم برا الخيمة، خوفًا لتعرضهم للتنمر أو يخافوا منهم الأطفال”.
وتسترسل: “لكن الجيران الله يجزيهم الخير جاؤوا وزاروني وعاملونا بمحبة وصاروا ياخذوا بناتي ويلاعبوهم”.
وتعيش الأم الكفيفة ظروفا معيشية صعبة للغاية، تفتقر فيها بناتها للملابس شتوية الكافية والأغطية والفرشات، وتستطرد: “حتى الأكل أقل بكثير من المستوى الصحي المطلوب.. بنتي الصغيرة المفترض يكون حجمها أكبر من هيك بس سوء التغذية والخوف أثر على صحتها”.
وتشكو من أحوال النزوح القاسية فتقول”: النزوح بالنسبة لأصحاب الإعاقة البصرية، رحلة قاسية، لأنك بتخاف توقع بحفرة أو تتعثر بركام منزل مدمر، وهنا بالمقبرة بمشي بحذر خوفًا ما أمشي ع قبر شهيد”.
وتردف: “زوجي هو من يُرشدنا في النزوح وحين نخاف من أصوات الكلاب الضالة، يطمئن قلوبنا أنها بعيدة عنا”.
وتتمنى الكفيفة ” جاموس”، أن تنتهي الحرب وتعود لحياتها السابقة، لأن ما تعيشيه يفوق الوصف من قسوته.
وتتواصل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة لليوم الـ 423 تواليًا، في ظل ظروف قاسية يعيشها النازحون في الخيام، خاصة مع دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار.
وفي سبتمبر/ أيلول المنصرم، كان المكتب الإعلامي الحكومي قد أطلق نداء استغاثة إنساني عاجل لإنقاذ واقع 2 مليون نازح في قطاع غزة قبل فوات الأوان، بالتزامن مع قدوم المنخفضات الجوية، وقبل دخول فصل الشتاء وظروفه المناخية القاسية.
وأكد الإعلامي الحكومي في أن 74 % من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية.
وأشار إلى أن أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يوماً بعد يوم، إذ بلغ عدد النازحين بشكل عام من 1,9 مليون نازح إلى 2 مليون نازح في محافظات قطاع غزة.
المصدر: سند