أصدرت حركة “حماس” اليوم الأربعاء تقريرًا رسميًا مفصلًا حول معركة “طوفان الأقصى”، موثقة خلاله أحداث حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وملخصة جهود المقاومة وتضحيات الشعب الفلسطيني وصموده.
وقالت “حماس” إنّ التقرير الذي تلقت “وكالة سند للأنباء” نسخةً عنه، يأتي في سياق توثيق ملحمة فلسطينية امتدت عامين من المواجهة مع الاحتلال، والتي شهدت أبشع المجازر والدمار الجماعي، لكنها أظهرت عزيمة الفلسطينيين وتمسكه بهويته الوطنية.
ويتضمن التقرير سردًا شاملًا لأعمال المقاومة الفلسطينية ومعركة “طوفان الأقصى”، مستعرضًا جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم وتضحياتهم، بالإضافة إلى السياق التاريخي والسياسي للحرب.
الفصل الأول: دوافع الطوفان وسياقاته
يشير التقرير إلى أن السابع من أكتوبر لم يكن بداية الحرب، بل هو نتيجة طبيعية لاحتلال استمر منذ عام 1948 و77 عامًا من محاولات التهجير والقمع ورفض “إسرائيل” لأي حل سياسي حقيقي.
وتطرق لـ “فشل اتفاق أوسلو وتزايد المستوطنات والتهويد في الضفة الغربية ومدينة القدس، إضافة إلى صعود الحكومات الإسرائيلية المتطرفة منذ 2022، مثل حكومة بنيامين نتنياهو وتحالفه مع الصهيونية الدينية”، مؤكدًا أنّ ذلك مثل عوامل مباشرة لتفجر الغضب الفلسطيني.
وسلط التقرير الضوء على المعاناة الإنسانية في غزة، حيث يعاني القطاع من حصار خانق منذ 17 عامًا، وما يقارب خمسة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال في ظروف قاسية، فيما عجز المجتمع الدولي عن حماية حقوق الشعب الفلسطيني.
الفصل الثاني: “طوفان الأقصى – يوم العبور المجيد”
وصف التقرير يوم 7 أكتوبر 2023 بأنه لحظة فارقة أعادت رسم معادلة الصراع، مشيرًا إلى أنّ المقاومين قادوا عملية محكمة استطاعوا خلالها اختراق خطوط الاحتلال والسيطرة على مواقع حساسة في قطاع غزة خلال ساعات قليلة، فيما أطلق الاحتلال على العملية اسم “السيوف الحديدية”.
ولفتت أنّ الاستطلاع الشعبي الفلسطيني أظهر دعمًا واسعًا للعملية، حيث أبدى 72% من الفلسطينيين تأييدهم للعملية و69% رضاهم عن أداء “حماس”، بينما أعرب 11% فقط عن رضاهم عن السلطة الفلسطينية
وأكد التقرير أن المقاومة لم تستهدف المدارس أو المستشفيات أو دور العبادة، في حين ارتكب الاحتلال مجازر ضد المدنيين، مستندة إلى عقليته الإلغائية وأدواته العسكرية الحديثة، ما أدى إلى ارتقاء آلاف الشهداء والجرحى، وتشريد ثلثي سكان القطاع.
الفصل الثالث: التحقيق في هجوم 7 أكتوبر
أكدت “حماس” أن الادعاءات الإسرائيلية حول استهداف المدنيين زائفة، وأن العمليات العسكرية كانت دقيقة واستهدفت مقاتلي الاحتلال فقط.
وطالبت الحركة بفتح تحقيق دولي نزيه في مزاعم قتل المدنيين الإسرائيليين، وكذلك في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
الفصل الرابع: مسار الحرب على غزة
ووثق التقرير حجم الدمار الذي خلفته الحرب على غزة، بما في ذلك تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس، والقتل المنهجي للأطفال والنساء وكبار السن، واعتقال نحو 3,400 أسير فلسطيني، إلى جانب المجازر الميدانية وسرقة الأعضاء البشرية من بعض الشهداء.
ولفت التقرير إلى قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود، والعودة إلى شمال غزة رغم الدمار، وتمسكه بأرضه مهما بلغت التضحيات.
الفصل الخامس: جهود “حماس” لوقف الحرب وخطة ترامب
أوضح التقرير أن حركة “حماس” بذلت جهودًا متواصلة بالتنسيق مع فصائل المقاومة والوسطاء الدوليين لوقف القتل والمجازر.
واستدركت أنّ هذه الجهود اصطدمت برفض الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لكل المبادرات، بما فيها عروض وقف إطلاق النار التي وافقت عليها المقاومة بدون تحفظات.
وتطرق التقرير إلى ما يسمى بـ “خطة ترامب” للسلام، حيث أوضح أن الحركة تابعت المفاوضات بحذر، وحاولت استغلال كل فرصة لإنهاء العدوان وإطلاق سراح الأسرى، لكنها واجهت عراقيل إسرائيلية كبيرة.
وأكد أن جهود الحركة كانت مدفوعة بمبدأ حماية الشعب الفلسطيني والحفاظ على المكاسب الوطنية، وليست بمثابة تنازل عن الحقوق الوطنية أو التنازل عن الأرض.
الفصل السادس: أبرز إنجازات طوفان الأقصى
أكد التقرير أن معركة “طوفان الأقصى” حققت مكاسب استراتيجية كبيرة للشعب الفلسطيني والمقاومة، حيث تمكنت القوى الفلسطينية من تغيير معادلة الصراع على الأرض بعد سنوات طويلة من الحصار والعدوان.
ولفت التقرير إلى أن العملية أعادت الثقة للمجتمع الفلسطيني بقدرة المقاومة على حماية الأرض والقدس والدفاع عن المدنيين، وكسرت الصورة النمطية للجيش الإسرائيلي الذي يُعتبر “لا يُقهَر”.
وأشار إلى أن الإنجازات العسكرية شملت السيطرة على مواقع حساسة للعدو وتحقيق إصابات مباشرة في صفوف الجنود الإسرائيليين، إضافة إلى تفكيك بعض خطوط الدفاع المحيطة بقطاع غزة.
وأوضح أنّ هذه الإنجازات لم تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل عززت وحدة المجتمع الفلسطيني مؤكدةً قدرة الحركة على التنظيم والتنسيق في مواجهة التحديات الكبيرة، رغم حجم التدمير والخسائر البشرية الكبيرة.
ولفت التقرير إلى أن المعركة شكلت نقطة تحول في الوعي الدولي تجاه القضية الفلسطينية، إذ أظهرت للعالم قوة وصلابة المقاومة الفلسطينية، وأسقطت الكثير من المزاعم الإسرائيلية حول الهيمنة العسكرية والسياسية في المنطقة.
وأكد التقرير أن هذه الإنجازات تمثل دافعًا لتعزيز الاستعدادات المستقبلية للحركة ومواصلة الدفاع عن الحقوق الوطنية، مع التركيز على حماية المدنيين وتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية مستمرة.
الفصل السابع: لا يمكن عزل “حماس”
أكد التقرير أنّ “حماس” تمثل جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي والسياسي للشعب الفلسطيني، مشددًا أن أي محاولة لعزلها عن المجتمع الفلسطيني ستفشل كما فشلت كل محاولات الاحتلال السابقة.
وأوضح التقرير أن حضور الحركة الشعبي يرتكز على ارتباطها بالقضية الوطنية، حيث يرى الفلسطينيون فيها ممثلًا لقضيتهم ومصونًا لحقوقهم، لا سيما خلال عمليات الدفاع عن المدنيين في مواجهة العدوان الأخير.
وأشار التقرير إلى أن “حماس” لعبت دورًا محوريًا في تنظيم المقاومة والدفاع عن قطاع غزة خلال معركة “طوفان الأقصى”، مؤكدة فشل كل محاولات الاحتلال لعزل الحركة عبر الحصار أو الاعتقالات أو الضغوط الدولية.
وقد أسهم هذا الدور في تعزيز مكانتها كعنصر أساسي في حماية الحقوق الفلسطينية والحفاظ على أمن المدنيين، وفق التقرير.
ولفت إلى أن الحركة ساهمت في الحفاظ على وحدة المجتمع الفلسطيني، إذ شكل دعم العشائر والعائلات والمؤسسات المدنية جنبًا إلى جنب مع قيادتها جدارًا صلبًا أمام أي محاولة للانقسام أو إضعاف المقاومة، ما يعكس تمسك الفلسطينيين بمواجهة التحديات والتصدي للسياسات العدوانية.
وأشار التقرير أيضًا إلى الدور السياسي للحركة، حيث شاركت في المفاوضات الإنسانية والسياسية، وسعت إلى وقف المجازر وحماية المدنيين، مؤكدًا أن “حماس” تمثل إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود والتحرير، وتشكل ضمانة لاستمرار حقوقه الوطنية، وأن أي جهود لعزلها ستبقى غير مجدية.
الفصل الثامن: أولويات المرحلة
وحدد التقرير أولويات “حماس” في المرحلة المقبلة، مؤكداً التزامها بحماية المدنيين الفلسطينيين والحفاظ على حقوقهم الأساسية في مواجهة أي عدوان محتمل.
وأوضح التقرير أن الحفاظ على حياة السكان وضمان أمنهم يمثل الهدف الأساسي للحركة، وذلك عبر تعزيز الدفاع المدني ودعم الجهود الإنسانية داخل القطاع.
وأشار إلى أن إعادة إعمار غزة تأتي على رأس الأولويات الوطنية، بعد سنوات من الدمار الناتج عن الحروب المتتالية والحصار الطويل.
وأكدت الحركة أنها ستسعى لتوفير البنى التحتية الأساسية والمساكن والخدمات الطبية والتعليمية، بما يضمن عودة الحياة الطبيعية إلى القطاع.
ولفت التقرير إلى أن توثيق الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين سيستمر، بهدف تقديم الأدلة للمنظمات الدولية والمحاكم المختصة، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والفظائع بحق الشعب الفلسطيني.
وشدد التقرير على تمسك “حماس” بحق العودة والتحرير الكامل للأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن هذه الحقوق لن تتنازل عنها فلسطين، وأنها تشكل العمود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني، الذي يسعى لتحقيق السيادة والحرية والاستقلال.

