كشف تحقيق استقصائي أجراه مراسل شبكة أجيال الإذاعية فراس الطويل، عن تلوث خطير في الخضار المعروضة للمستهلك الفلسطيني.
وأظهر التحقيق الذي استمرّ 3 سنوات، حالة من الفوضى في استخدام المبيدات منها ما هو محظور فلسطينيًا وعالميًا.
ووفقا للتحقيق، فقد كشفت نتائج الفحوصات مخبرية لعينات من الخضار الأكثر استخدامًا على المائدة الفلسطينية، بأنها تحتوي على بقايا مبيدات مسرطنة بنسب عالية.
وأوضح الطويل في تحقيقه أن 21 عينة من البندورة والفليفلة الملونة قام بسحبها من مدن الضفة الغربية، للفحص في مركز مختبرات الفحوص بجامعة بيرزيت.
تزامن ذلك مع قطع الجهات الرقابية وعودًا بإصلاح قطاع المبيدات الزراعية والتوصل إلى صيغة فيما بينها تتيح إجراء فحوص دورية للخضار، وذلك عام 2017.
وأكدّ على عدم إجراء أي تغير في الإجراءات الرقابية على مدار 30 شهرًا، إذ بقي الاستخدام العشوائي للمبيدات على حاله، ما تطلب إجراء فحوصات جديدة في مطلع 2020 لثماني عينات من البندورة والفليفلة من شمال الضفة ووسطها وجنوبها.
وأردف أن نتائج التحقيق، كشفت أن الخضار المعروضة للمستهلك الفلسطيني تحتوي على نسب عالية من متبقيات المبيدات الزراعية، ما يؤدي إلى الإضرار بصحة المستهلك وسط ضعف الرقابة وزارتي الزراعة والصحة.
ناصر سنتر .. متاجر الملابس الأكثر انتشارا في فلسطين٪72.4 من العينات المفحوصة ملوثة
وأظهرت نتائج الفحوص المخبرية لـ 29 عينة من محصولي البندورة والفليفلة، التي تم سحبها من مختلف مدن الضفة الغربية، تلوث 72.4%، أي أنها تحتوي على نوع واحد أو أكثر من متبقيات المبيدات.
وتبيّن أن 55.1% من العينات كانت راسبة؛ أيّ أنها تحتوي على متبقيات من المبيدات الكيماوية أعلى من الحد المسموح فيه دولياً حسب منظمة الصحة العالمية.
أما العينات التي كانت فيها متبقيات المبيدات أقل من الحدود المسموح بها، فلم تتجاوز نسبتها 17.2%، في حين أن العينات النظيفة تمامًا من المبيدات لم تتجاوز نسبتها 27.5%.
ووفقا للطويل؛ أجريت الفحوص على مرحلتين؛ الأولى في أواخر 2107 لـ 21 عينة والثانية لـ 8 عينات في مطلع 2020، وكان الهدف من ذلك- حسب ما أوضح- إعطاء فرصة للجهات الرقابية لتصويب أوضاعها وتشديد الرقابة على استخدام المبيدات، إلّا أن النتائج لم تظهر أيّ تغيير، بل زادت الأمور سوءًا، إذ دخلت مبيدات جديدة محظورة من الاستخدام فلسطينيا إلى حقول المزارعين.
أمراضٌ على المدى البعيد
وبيّنت الفحوصات حسب التحقيق، تعرّض المنتوجات الزراعية لمبيد البروموبروبيلات والذي يعدّ ضارًا بالصحة العامة للجهاز التنفسي، فقد ثبت أن المادة السامة تؤثر على الجهاز الهضمي للجسم، وصحة العين والجلد.
الباحث في مجال المبيدات د. عقل أبو قرع، أفاد بأن خلط المبيدات ورشها على الخضروات لها أضرار على المدى القصير كالسمية الآنية، وقد تؤدي إلى الشلل، ومن الممكن أن يؤدي إلى الوفاة إذا كانت الكميات المرشوشة كبيرة جدا.
سلة خضار فلسطين .. خارج عين الرقابة
وأجرى الصحفي فراس الطويل مقابلات مع عدة مزارعين للاستعلام عن قيام الجهات المختصة بدورها في الرقابة، وهو ما نفاه المزارع محمد أبو الشيخ (52 عامًا) من قرية بردلة، قائلًا “أنا بحكيلك عن مزرعتي، في حياتي ما شفت شخص من وزارة الزراعة في أرضي لا لتقديم أي نوع من الإرشاد أو سحب عينات للفحص، إذا الوزارة وهي الجهة المعنية مش مهتمة، كيف أنا كمزارع بدي أسأل؟ يا أخي اسحب عينات وافحصها وإذا فيها شيء تعال حاسبني”.
واتفق غالبية التجار الذين قابلهم الطويل، على عدم تحملهم أيّ مسؤولية حيال وجود أيّ مواد ومتبقيات في الخضار والفاكهة محملين المسؤولية لوزارة الزراعة.
وقال أحدهم في سوق الفارعة قرب مدينة طوباس: “وزارة الزراعة هي التي يجب أن تفحص وترشد المزارعين، إنت شايف السرطان الي بصير مع الناس هاي جميعها من الأدوية والمبيدات”.
جهات الاختصاص .. اتهامات متبادلة
وبحسب التحقيق، يوجد لدى وزارة الزراعة 13 مفتشًا فقط في محافظات الضفة الغربية، يقتصر دورهم على مراقبة محال المبيدات ومتابعة عمليات الترخيص والاستيراد، من دون الرقابة على السلع الزراعية بعد خروجها من الحقول.
وأكدّ مدير دائرة المبيدات في “الزراعة” عبد الجواد سلطان، أن مهمتها تنتهي في الحقول، ملقيًا بمسؤولية الفحص والتأكد من خلو المحاصيل الزراعية من متبقيات المبيدات على وزارة الصحة.
وألقت وزارة الصحة مسؤولية الفحص على وزارة الزراعة، وكان قد شدّد مسبقًا مدير صحة البيئة في الوزارة إبراهيم عطية، على أن مسؤولية وزارته تقتصر في هذا الجانب على المنتجات الزراعية التي دخلت في مراحل التصنيع والتعبئة، كالزعتر حينما يتم طحنه وعرضه في الأسواق، والبندورة حينما تطبخ وتحول إلى رب البندورة مثلا.
وطالب عطية وزارة الزراعة بتشديد الرقابة على المُزارع حول كيفية استخدام هذه المبيدات، وتقديم الإرشاد اللازم له، وذلك من خلال المواظبة على سحب عينات عشوائية من الأسواق والحقول وإخضاعها للفحص في المختبرات.
أما وزارة الاقتصاد فرأت أن الوضع القائم لا يحقق حالة انضباط السوق، فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي، خصوصًا أن هناك عدم وضوح في الصلاحيات بين جهتي الاختصاص؛ الزراعة والصحة.
وبحسب مدير حماية المستهلك إبراهيم القاضي، فإنه لا توجد استراتيجية فلسطينية للرقابة على المنتجات الحيوانية والزراعية.
تحقيق: فراس الطويل
تحرير: هالة حسون