في الحادي عشر من أكتوبر/2015، كانت إسراء الجعابيص في طريق عودتها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس، حيث كانت تعمل في القدس، وكانت تنقل بعض أغراض بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، ولحظتها حدث ما قلب حياتها رأسًا على عقب، وبأبشع صورة ممكنة.
عندما وصلت إسراء إلى منطقة الزعيم شرقي القدس وقرب مستوطنة “معاليه أدوميم”، انفجر بالون السيارة الموجود بجانب المقود، واشتعلت النيران داخل السيارة فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من أفراد شرطة الاحتلال الموجودين على مقربة من مكان الحادث.
إلا أن أفراد الشرطة لم يقدموا لها الإسعاف واستنفروا واستقدموا المزيد من رجال الشرطة والأمن، وأعلنت الشرطة في البداية أنه حادث سير عادي ثم ما لبث أن اعتبر عملية استهداف لجنود الاحتلال.
وجراء هذه الحادثة الأليمة، التهمت الحروق 50% من جسدها، فذابت عقد الأصابع، والتصقت الأصابع ببعضها بعضًا ولم تبق إلا عقدة واحدة في كل من أصابعها الثلاثة المتبقية.
أما الأذنان فالتصقتا بعد أن ذابتا بفعل الحروق في الرأس، في حين لم تعد تقوى على رفع يديها إلى الأعلى بشكل كامل نتيجة التصاق الإبطين أيضاً، كما أتت النيران على وجهها لدرجة أن طفلها الوحيد لم يستطع التعرف عليها في زيارته الأولى بعد نحو عام ونصف من اعتقالها.
ومع كل هذه الحروق، نقلت إسراء إلى مشفى “هداسا عين كارم” في دولة الاحتلال، لكن سلطات الاحتلال لم تستكمل علاجها ونقلتها إلى المعتقل، وحكم عليها بالسجن لمدة 11 عامًا.
وتتطلب الحالة الصحية لإسراء إجراء ما يزيد عن ثمانية عمليات، إلى جانب أدوية معينة ومراهم للتخفيف من الحروق، وعمليات تجميلية تسترد ملامحها الجميلة.
وفي الأسر، تعاني إسراء شتى أنواع الإهمال لدرجة أن إدارة السجن رفضت أن تغير البدلة الخاصة بعلاج الحروق وشد الجلد التي أحضرت لإسراء إلى واحدة أكبر تطابق مقاس جسدها المحترق.
ليس هذا وحسب، بل وتتعمد إدارة السجن توفير مرهم لتبريد الحروق لا تزيد سعته على عشرين ملم يصرف لها كل ثلاثة أيام، وهي كمية غير كافية لتغطية كافة حروق جسدها، وتجد في ما يتاح لها من مسكنات سبيلا للتغلب على الألم.
لكن الأدوية التي تصرف للأسيرات تقع في موضع تشكيك من ذويهن، إذ يقولون إن الأدوية التي تعطى للأسيرات هي أدوية أعصاب تعمل على إتلاف الدماغ بشكل تدريجي، ويصر السجانون على أن تتناولها.
وإسراء الجعابيص، مقدسية من مواليد 1986، كانت تدرس في السنة الثانية بالكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس في تخصص التربية الخاصة، وكانت تعمل مع المسنّين، إلى جانب الفعاليات الترفيهية في المدارس والمؤسسات، وهي متزوجة ولديها طفل واحد.
وفي العام 2018، أتيح لنجلها الوحيد معتصم بزيارة والدته، وكان يبلغ حينها 10 أعوام، وصُدم بمنظر والدته، فيما لم يكتفِ الاحتلال بهول صدمته، وقالوا إن هذه الزيارة ستكون الأخيرة ليحرقوا من إسراء قلبها على وحيدها.
واليوم، ووسط النيران التي لا تكف عن التهام إسراء جسدًا وروحًا، تنطلق حملة هاشتاغات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي مطالبةً النظر في حالها والإفراج عنها، خاصةً بعد أن نجحت الهاشتاغات في الضغط بشأن قضية الحرة أنهار الديك.
كتبت: سمية النجار