انتفاضة الأقصى.. عقدين من الزمن على انتفاضة لم تضع أوزارها
21 عامًا ما زالت تحفظ في ثناياها الكثير من تفاصيل انتفاضة لا تهدأ مهما وضعت من أوزارها، فنقطة انطلاقها مركزية في القضية الفلسطينية، ولها خصوصيتها الوطنية والدينية.
في الـ28 من سبتمبر عام الـ2000، اقتحم زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة، وبموافقة من رئيس الوزراء في حينه إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.
وتجول شارون حينها في باحات المسجد الأقصى، وقال إن هذه المنطقة ستظل منطقة “إسرائيلية”، ما أثار استفزاز الفلسطينيين وأدى لاندلاع مواجهات عنيفة، ارتقى خلالها 7شهداء فلسطينيين وجُرح 250 آخرون، كما أُصيب 13 جنديا “إسرائيلياً”.
وتواصلت المواجهات بصورتها العنيفة أيامًا في مدينة القدس، سرعان ما طالت مدن الضفة كافة وقطاع غزة، ليطلق عليها “انتفاضة الأقصى”.
وأضرمت شرارة نار ثانية بعد يومين من اقتحام شارون، جرّاء نشر وكالة فرنسية مشهدًا تلفزيونيًا يظهر فيه رمز الانتفاضة الثانية الطفل محمد الدرّة يحتمي في حضن والده خلف جدار اسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة وتطلق دبابة إسرائيلية الرصاص نحوه، ليرتقي شهيدًا، في صورة فارقة في ميزان الإنسانية.
وثأرًا للدرة، خرج الجمع الفلسطيني موحدًا في كافة فصائله بالرد الغاضب، واندلعت مواجهات عنيفة، كما ونفذت الفصائل الفلسطينية عمليات فذة بحق “إسرائيلين”، ففجروا مطاعم وحافلات، وقتلوا المئات منهم، وأثاروا الذعر في نفوسهم.
وفي المقابل، سعت “إسرائيل” لاغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والحركات العسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة، ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وعدد من كبار مؤسسي الحركة، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى.
وزجّ الاحتلال بكلا القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات في السجون وعشرات من قادة الفصائل الفلسطينية، واتُّهم سعدات وتنظيمه بالمسؤولية عن اغتيال وزير السياحة “الإسرائيلي” رحبعام زئيفي.
ومن أحداث الانتفاضة الثانية الحامية، اجتياح مخيم جنين ومقتل قائد وحدة الهبوط المظلي “الإسرائيلية”، إضافة إلى 58 جنديٍّ، وإصابة 142 جنديٍّ في المخيم.
وجرّاء الانتفاضة الثانية، بدأت دولة الاحتلال ببناء جدار الفصل العنصري من مدينة القدس لمنع دخول الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية داخل الخط الأخضر ومدينة القدس المحتلة.
وتفوّقت الانتفاضة الثانية على الانتفاضة الأولى في أدواتها القتالية كثيرًا، فالانتفاضة الأولى عرفت بانتفاضة الحجارة، أما الثانية فأبلى فيها الفلسطينيون بلاءً فذًا، وخلالها اعتقل ما يقارب 10 آلاف فلسطيني، وصنع أول صاروخ فلسطيني، وشهدت تقاربًا عاليًا في نسب القتلى، بمعدل قتيل “إسرائيلي” مقابل كل ثلاثة شهداء.
ورغم مرور عقدين على اندلاعها، فلا يزال المسجد الأقصى المحرك الأكبر للفلسطينيين في المواجهة مع الاحتلال، التي كان آخرها التصعيد الذي رافق محاولات المستوطنين اقتحامه خلال شهر رمضان الأخير، والذي دفع المقاومة الفلسطينية إلى توجيه ضربات صاروخية إلى مستوطنات القدس وإلى “إسرائيل”، التي ردّت بقصف استمر 11 يوماً خلال مايو الماضي، على قطاع غزة، وخلّف نحو 300 شهيد ومئات الإصابات.
كتبت: سمية النجار
مصادر: مواقع إلكترونية