العلماء يكشفون سر اكتساء الطيور بألوانها الزاهية
تهاجر ملايين الطيور في أواخر الصيف والخريف متجهة إلى أراضيها الشتوية، وتستعد هذه الطيور لتلك الرحلة باستبدال ريشها البراقبآخر خافت الألوان، وقد أدهشت هذه الظاهرة العلماء ودفعتهم للتساؤل عن مدى ارتباطها بهجرة الطيور، والتي تحدث مرتين في كل عام.
لا يعد استبدال الريش البالي بآخر جديد أمرًا ضروريا للطيران فحسب؛ بل إنه يؤثر أيضا على فرص التزاوج، فبينما درس الباحثون تلونالطيور، ظلت الآلية التي تتغير بها هذه الألوان وكيفية تساقط الريش واستبداله لغزا محيرا للعلماء.
ففي دراسة حديثة نشرتها دورية “إيكولوجي آند إفوليو“، في التاسع من أغسطس/آب الماضي، وأصدرت عنها جامعة ميشيغان التقنية، فقددرس الأستاذ المساعد بالجامعة جاريد ولفي وفريقه العلاقة بين تساقط الريش والمسافات المتباينة التي تقطعها الطيور أثناء الهجرة.
يقول ولفي “إضافة إلى ظروف الطقس القاسية، يعتبر التعرض لأشعة الشمس هو السبب الرئيس في تساقط الريش، إذ تتعرض هذه الطيورلأقصى قدر من الشمس طوال العام، وذلك بهجرتها شمالا أثناء الصيف؛ حيث يكون الجو مشمسًا طوال اليوم، بينما تهاجر تلك الطيورجنوبًا في الشتاء متعقبة حركة الشمس“.
ولو أن هذه الطيور تستبدل الريش بسبب تآكله إثر التعرض لأشعة الشمس، فما الحاجة إذن إلى الريش الملون الزاهي؟ ألن يكفيها الريشالأسود في الوقاية من حروق الشمس أو الأبيض لتشتيت الحرارة؟
العلماء يكشفون سر اكتساء الطيور بألوانها الزاهية
الألوان انعكاس لجودة العيش
يؤدي الريش الملون دورًا في اجتذاب الشريك، كما أنه يدل أيضا على جودة الحياة التي يعيشها الطائر، وهو ما يشرحه ولفي قائلا “يعدالريش الزاهي دليلًا على جودة العيش في البيئات الاستوائية“.
وتؤثر معيشة الطيور أثناء أشهر الشتاء على الكيفية التي ستتلون بها، وهو ما يعني بالتبعية مدى نجاح هذه الطيور في الحصول علىشركاء للتزاوج أثناء هجرتهم شمالا حيث يبدأ الصيف.
إلا أن الحصول على الريش الملون ليس أمرًا سهلًا، فعلى الطائر البحث عن المناطق وفيرة الموارد والآمنة من المفترسات أثناء شهور الشتاء،والذي سينعكس أثره في حصولهم على الريش الملون أثناء الصيف.
إلا أن موارد بيئات الطيور غالبًا ما تكون محدودة، فالمناطق وافرة الموارد في هذا الشتاء قد تنضب مواردها في الشتاء القادم؛ لذا فإن أفضلالبيئات هي “تلك الغنية بالموارد، التي لا تتغير من شهر لآخر أو من سنة لأخرى” كما يقول ولفي.
العلماء يكشفون سر اكتساء الطيور بألوانها الزاهية
طيور غير مهاجرة
لكن ماذا عن الطيور غير المهاجرة، والتي تلتزم بالوجود في نطاقات محددة؟
بدا أن هذه الطيور تستبدل ريشها بنمط سنوي ثابت بدون تغيير مظهرها لإمالة الطيور الأخرى إليها، ومن ثم فإن تغير الريش والتزاوجيتأثران بالعديد من العوامل مثل تغير الفصول ووفرة الغذاء وحجم النطاق الذي تعيش فيه الطيور.
وتحتاج الطيور أثناء استبدال ريشها للكثير من السعرات الحرارية، وهو ما يعني الحاجة إلى مزيد من الغذاء؛ لذلك “تتقيد طيور البيئاتالمعتدلة في تزاوجها وتغير ريشها السنوي بموسم الشتاء” كما يقول ولفي.
ويضيف “إلا أن الطيور في المناطق الاستوائية –حيث تباين المواسم الرطبة والجافة– تصبح أقل تقيدا بالغذاء“. إذ تتحكم هذه الطيور –مثل“طيور النمل البيضاء” في الفترة التي تستغرقها لاستبدال هذا الريش.
العلماء يكشفون سر اكتساء الطيور بألوانها الزاهيةتساقط بطيء
تتغذى طيور النمل البيضاء على الحشرات التي تأكل النمل، ومن ثم فإن هذه الطيور تظل في حالة طيران دائم متتبعة آثار النمل حتىتحصل على غذائها من الحشرات التي تتغذى على جيوش النمل تلك، ومن ثم فإن الطيران المتواصل مهم لهذه الطيور، فكيف تتصرف هذهالطيور إذا فقدت ريشها لبعض الوقت؟
وجد العلماء أن ريش هذا الطائر في حالة تساقط مستمر بطيء خلال العام، ففي كل مرة تسقط ريشة واحدة، وبالتالي لا يفقد جناح الطائرقدرته على الطيران مرة واحدة، ومن ثم فإن طيور النمل البيضاء تعد أبطأ الطيور المغردة استبدالًا للريش على الأرض.
وعلى الرغم من أن الطيور تعود لموطن تزاوجها نفسه كل عام، لاحظ العلماء أن بعضًا من هذه الطيور لا يعود إلى المكان نفسه الذي استبدلفيه الريش؛ مما يعني أن انسلاخ الريش لا يقتصر على موقع محدد.
المصدر: الجزيرة نت