يتخوّف معظم المواطنين من آثار موجة الصقيع القاسية التي شهدتها البلاد، في الأيام القليلة الماضية، والتي ألحقت أضرارًا لا تعدّ ولا تحصى، في المحاصيل الزراعية التي تعتبر الأكثر استهلاكًا في الأسواق الفلسطينية.
ويتوّقع تجّار الجملة بأن موجة الصقيع لم تظهر آثارها الحقيقية على أسعار الخضار والفواكه بعد، مشيرين إلى أن الارتفاعات التي تشهده بعض الأصناف الآن، ستتصاعد إلى الضعف خلال الأسبوع الحالي، وسيلاحظ المواطن تغيّر كبير على أسعار الخضار والفواكه.
وتشير التقديرات الأولية لدى وزارة الزراعة إلى أن حوالي 60% من أضرار الصقيع أصابت مناطق الأغوار، وألحقت بها خسائر أكبر من غيرها من المناطق.
ويقول التاجر كمال أبو عيشة، إن موجة الصقيع أثرّت بشكل كبير على الحقول الزراعية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخضار، اذ ارتفع سعر الكرتونة الواحدة من الكوسا 80 شيكل، كما ارتفع سعر الخيار من 30 شيكل إلى 70 شيكل للكرتونة الواحدة في غضون يومين.
ويؤكد أبو عيشة خلال لقاء عبر شاشة “تلفزيون المدينة“، أن المواطن لم يعد يستطيع تحمّل ارتفاع جديد على الأسعار بشكل عام، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.
ويعتبر أبو عيشة أن سبب ارتفاع أسعار الخضار والفواكه لم يقتصر على موجة الصقيع فقط، وإنما انخفاض أعداد القوى العاملة في مجال الزراعة أيضًا، تلعب دورًا في ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، خاصة في ظل توجّه أغلب المزراعين للعمل في الداخل المحتل، بالإضافة إلى تلاعب بالأسعار من قبل التجار.
“غلاء فاحش”
ويعتبر تاجر آخر – لم يذكر اسمه – أن الارتفاع الأسعار الحالي جاء نتيجة ارتفاع الطلب، وانخفاض كمية العرض، مشيرًا إلى أن آثار موجة الصقيع على الأسعار لم تظهر بعد، ومتوقعًا أن تشهد أسواق الخضار “غلاءً فاحشًا”، في غضون الأسبوع القادم.
واختلف رأي التاجر عزام نصر الله حول سبب ارتفاع الأسعار، موضحًا أن التجار لمسوا ارتفاع الأسعار على جميع أنواع الخضار منذ بداية موجة البرد، والتي ارتفعت بشكل “جنوني” في ليلة وضحاها، بسبب تجمّد معظم النباتات والأشجار، ما أدى إلى انخفاض إنتاجيتها، وبالتالي ارتفاع أسعارها.
رئيس لجنة التجار في سوق الخضار، عبد الرزاق أبو ثابت، يشير خلال حديثه لـ “تلفزيون المدينة” إلى أن كل النباتات المزروعة خارج البيوت البلاستيكية أُتلفت، مثل البندورة، والكوسا، والخيار، والبطاطا، والباذنجان، ما ينذر بارتفاع “غير مسبوق”، بأسعار هذه الخضار بالتحديد.
ويؤكد أن أراضي سهل “سميط”، الذي يعتبر من السهول الزراعية المهمة، لحقتها أضرار بنسب متفاوتة، فحوالي 400 دونم مزروعة بالبطاطا والكوسا والفول تضررت بنسبة 100%، فيما تفاوتت نسب الأضرار في باقي الأراضي.
ويقول أبو ثابت لـ “تلفزيون المدينة“، إن المواطنين لم يلمسوا ارتفاعًا في أسعار بعض الخضار، كالبندورة مثلًا، بسبب لجوء معظم التجّار إلى استيرادها من قطاع غزة، لافتًا إلى أن سعر كرتونة البندورة الواحدة المستوردة وصل إلى 45 شيكل فقط، فيما وصل سعر الكرتونة المزروعة في الأغوار 100 شيكل، ومتوقعًا أن يفوق سعرها خلال الأسبوع الحالي 200 شيكل.
أضرار لا تعدّ ولا تحصى
بدوره، يؤكد مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة صلاح البابا أن هبوب الرياح القطبية بعد المنخفض الماضي، أدت إلى انجماد وصقيع في مختلف الأراضي الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها، وأحدثت أضرارًا زراعية خاصة في مناطق الضفة الغربية.
وأوضح أن الوزارة كانت قد استبقت موجة الصقيع بتقديم نصائح للمزارعين عبر وسائل الإعلام المختلفة والرسائل النصية، للقيام ببعض الإجراءات وتدفئة المحاصيل لتقليل أضرار الصقيع عليها.
وذكرت أنه لا بد من حدوث أضرار، بسبب صعوبة مقاومة عوامل الطبيعة بشكل كامل، وكانت معظم الأضرار في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية، حيث تقدر نسبة الأضرار بهذه المنطقة بـ60% من مجمل الأضرار في الضفة.
ووفقًا لإحصائيات الوزارة، فإن المحاصيل الأكثر تضررًا بسبب موجة الصقيع، كانت البطاطا، والكوسا، خاصة في مناطق الأغوار، كما وصلت نسبة الضرر في بعض المحاصيل إلى 70%، ووصلت الأضرار في محصول الكوسا إلى 100%، بسبب حساسية هذا المحصول للأجواء الباردة، إضافة لأضرار أخرى في المحاصيل الورقية مثل الخس، والزهرة، والملفوف، والبقدونس.
وأضافت أن الأراضي المزروعة بالمحاصيل المكشوفة في الضفة تبلغ 80 ألف دونم تأثر منها حوالي ستة آلاف دونم، أما المزروعات المحمية فكانت الأقل تضررا حيث تبلغ مساحتها الإجمالية في الضفة 32 ألف دونم تضرر منها حوالي 600 دونم، خاصة المزروعة بمحصول الخيار الذي يعد الأكثر تضررا بين الزراعات المحمية، ومن ثم البندورة التي تضررت بنسب معينة.
كتبت: هالة حسون