أكدّ صحافيون أن جهاز “الشاباك” عرض عليهم “التعاون” معه، مقابل إزالة منع السفر عنهم، والذي يصدر بقرار من جهاز “الشاباك” دون اتباع إجراءات قانونية أو قضائية، ودون إعلام الصحافيين بالقرار وقت صدوره أو الجهة التي أصدرت القرار وأسباب إصداره، وفقًا لتقرير حقوقي.
الصحافي ثائر الفاخوري من الخليل، يعمل في دائرة العلاقات العامة والإعلام في بلدية الخليل، وهو ممنوع من السفر منذ عام 2005، يعتبر أن القرار “انتقامي”، خاصة أنه طال أيضًا والده، بعد استشهاد شقيقه عام 2003.
وتعرض الفاخوري للاعتقال 54 شهرًا على مرحلتين، الأولى (28 شهرًا) بين عامي 2007-2009، والثانية (26 شهرًا) بين عامي 2010 – 2012.
وتلقى الفاخوري دعوات من شركة “فيسبوك” لحضور ورشات عمل، كونه يعمل في هذا المجال، لكنه لم يتمكن من السفر.
كما تلقى طفله زياد الفاخوري (أصغر يوتيوبر في العالم) عدة دعوات من فعاليات لها علاقة بالأطفال، لكن لم يستطع السفر، وكان ذلك سببًا في حرمان طفله من المشاركة في هذه الفعاليات، كونه قاصر.
وأوضح الفاخوري، أنه تقدم بعدة طلبات لإزالة أمر منع السفر عنه، لكنها جميعًا قوبلت بالرفض، وقدّم طلبًا آخر في عام 2019 من خلال مؤسسة حقوقية، فتم استدعاؤه للمقابلة في معسكر “عتصيون”.
ويبيّن الصحفي أن اللقاء استمرَّ لمدة ساعتين، وخلاله أبلغه ضابط “الشاباك” أن الجهاز يعلم بأنه (الفاخوري) لم يقم بأي نشاط “يضرّ بأمن إسرائيل” منذ عام 2012، لكنه اشترط موافقته على التعاون الأمني مقابل السماح له بالسفر.
ويضيف، “قال لي الضابط إنت ما عليك إشي، بس بدنا منك كم معلومة وشغل بسيط وبنسمح لك تسافر”، مؤكدًا أنه رفض هذا العرض، ومازال ممنوعًا من السفر حتى بعدما تقدمت مؤسسة “هيموكيد” الحقوقية الإسرائيلية في السنة الحاليَّة طلبًا جديدًا لإزالة المنع.
وبررت سلطات الاحتلال رفضها إزالة المنع بأن “تحركات الفاخوري تشكل خطرًا على أمن المنطقة”.
ويُعلق الفاخوري: “يتهمني الاحتلال بالقيام بأعمال تخريبية خلال فترة اعتقالي، كيف يُمكن أن يحدث هذا؟ كما أني أبلغت بعقد محكمة النظر في طلب إلغاء منع السفر صباح اليوم الذي عُقدت فيه، لم يعطوني الوقت الكافي للتصرف”.
أما الصحافي راضي كرامة من الخليل، يقول إنه كان في رحلة مع عائلته إلى الأردن خلال شهر كانون ثاني/يناير 2020 عندما تم إبلاغه بمنع السفر ومقابلة “الشاباك”، مبينًا أن الحديث في المقابلة تركز على زعم أنه “يُشكل خطرًا على أمن الدولة”، ويتوجب عليه إنهاؤه حتى يُسمح له بالسفر.
ويضيف، أن الضابط الذي قابله عرض عليه راتبًا شهريًا (3 آلاف دولار) مقابل التعاون معه، لكنه رفض مناقشة الفكرة.
ويوضح كرامة، أنه حاول لاحقًا السفر مرتين، لكن تم منعه، فعاود “ضابط الشاباك” الاتصال به وقال له: “إنت بتعرف الحلّ، بإيدك تشيل منع السفر عن حالك”، مضيفًا أنه ردَّ عليه بالقول: “أنا مش ولد صغير حتى تعرض علي هذا العرض”.
راضي كرامة
ويبيّن كرامة، أنه تلقى رسالة على “واتساب” في شهر كانون أول/ديسمبر 2020 تحتوي على تصريح دخول إلى الخط الأخضر ورسالة جاء فيها: “تصريحك جاهز بس تعال استلمه”.
ويذكر أنه الضابط عرض عليه أن يتم نقله بسيارة خاصة إلى “تل أبيب” حيث سيتم تسليمه التصريح ليتحرك من خلاله داخل الخط الأخضر بدون قيود، إلّا أن كرامة ردّ على الرسالة بالقول: “إنت شيل المنع الأمني، وأنا سأرتب أموري لوحدي”.
صورة التصريح الذي أرسله الضابط لراضي كرامة
ويضيف، أن شخصًا آخر تحدث معه عبر “واتساب”، وعرض عليه توفير عمل في مهن مختلفة، مقابل تزويد “الشاباك” بمعلومات يطلبها منه.
ويردف كرامة أنه خلال اعتقاله من قبل جيش الاحتلال بعد اقتحام منزله، في شهر تشرين أول/أكتوبر من العام الحالي، المحقق أبلغه باختصار أن إزالة المنع الأمني عنه مرتبطٌ بموافقته على التعاون معه، إضافة لمنحه “امتيازات” كثيرة في حال الموافقة.
ويرى كرامة، أن “الشاباك” يحاول استغلال إغلاق مؤسسات إعلامية عديدة في السنوات الأخيرة -خاصة بعد جائحة كورونا- لابتزاز الصحافيين، “فيقررون منع الصحافي من السفر، ثم يعرضون عليه الموافقة على التعاون معهم مقابل إزالة المنع”.
أما الصحافي مصعب قفيشة، وهو من الخليل أيضًا، فعلم بالمنع الأمني في عام 2012، عندما كان يُحاول السفر في رحلة مدرسية لأداء العمرة.
ويقول، إن شرطة الاحتلال على المعبر الحدودي مع الأردن لم يُبرروا قرار المنع، بل أبلغون أن عليه مراجعة “الشاباك” إذا كان يريد معرفة السبب.
ويوضح قفيشة، أن “ضابط منطقة الخليل” في “الشاباك” أخبره أن سبب منعه من السفر هو مشاركته بفعاليات تشكل خطرًا على أمن المنطقة، والتواصل مع جهات محظورة.
مصعب قفيشة
ويضيف: “الضابط قال لي إن علي تزويدهم بمعلومات مقابل إزالة المنع، فقلت له أنا مش جاسوس وما بدي أصير جاسوس، فقال لي مين حكالك جاسوس؟ ومين حكالك بدي منك تساعدنا بشيء؟ احنا بدنا نبني جسر ثقة بين بعض عشان نسمحلك تسافر، وكل اللي بدي اياه منك معلومات عن حالك. مين بتواصل معك وشو بينحكى معك وشو بيطلبوا منك”.
وحاول قفيشة مرة أخرى السفر في عام 2017 لكنه مُنع في هذه المرة أيضًا. وبيَّن، أنه تقدم بالتماس من خلال المركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان “سانت إيف” لإزالة المنع، فتم إبلاغه من خلال المركز في ثلاث مناسبات أنه “خطير على أمن المنطقة، وممنوع من السفر”.
وبحسب قفيشة، فإن الضابط قال: “أعرف أنك مظلوم ومش لازم تكون ممنوع من السفر، بس أنا ما بسفرك وما بسمحلك تسافر لأني ما بوثق فيك”.
وعاد قفيشة ليحاول السفر في العام الجاري لكن تم منعه مجددًا. وأفاد بأنه تلقى استدعاءً لمقابلة “الشاباك” في شهر آب/أغسطس الأخير، وفي هذه المرة قابله ضابطٌ جديد، وكرَّر تقديم العرض ذاته مرة أخرى قائلاً: “أعرف أنك مظلوم ومش لازم تكون ممنوع من السفر، بس أنا ما بسفرك وما بسمحلك تسافر لأني ما بوثق فيك. تعاونك معنا يبني جسر الثقة بيننا، وطالما لا تفيدنا بمعلومات أمنية وحساسة، فإنت مش ثقة بالنسبة لنا، وطالما لا يوجد ثقة فلن يوجد سفر”.
ويؤكد، أنه يتلقى باستمرار رسائل على هاتفه وتطبيق “واتساب” وكذلك اتصالات هاتفية من حين لآخر لسؤاله إن كان مازال راغبًا بالسفر، وأن التعاون معهم يتيح له السفر.
وبحسب تقرير المرصد الأورومتوسطي، فإن الصحافيين الممنوعين من السفر علموا بقرار منعهم عند تقديم طلبات تصاريح بالسفر والتنقل، أو عند التوجه للمعابر، أو عند التوجه إلى “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال، أو عند العودة من الخارج، أو خلال مقابلة جهاز “الشاباك”.
نقلًا عن: الترا فلسطين
تحرير: هالة حسون