منوعات

زقاق البلدة القديمة في نابلس .. تفاصيل شاهدة على التاريخ

تلمس التاريخ عبر الحجارة، وتسافر عبر أزمان وحضارات دون توقف، ذلك بأن المعمار بكافة أشكاله يصمد كإرثٍ ثقافي وكشاهد تاريخي يروي القصة ببلاغة.

من حارات دمشق الصغرى القديمة، وصولًا لامتداداتها اليوم، انطلق فريق “تلفزيون المدينة” في جولة آخذة في الزقاق، للحديث عن البلدة القديمة بقالب ثقافي من شأنه التعبير عن أصالة المكان.

يعرّف مدير العلاقات العامة في بلدية نابلس عبد العفو العكر البلدة بدءًا بحاراتها الستة، الياسمينة والقيسارية والغرب والعقبة والحبلة، والتي أطلق عليها الاسم لكثرة الحبايل فيها، والحبايل هي الجدران المبنية من الأحجار، فالحارات هي الأصل في التقسيم، وبها شيدت القصور والأسواق ودور العبادة وغيرها.

وعرفت نابلس بعائلات ثلاث، آل النمر ممن توسموا لقب الآغوات، وآل طوقان بلقب البكوات، وآل عبد الهادي بلقب الباشاوات، وكانت هذه العائلات الثلاث هي الأعرق والأشد نفوذًا في المنطقة.

قصر الآغا نمر

وفي حارة الحبلة من البلدة، يوجد قصر آغا النمر، وبالتحديد في الجزء الشمالي الشرقي للبلدة، ويُعدُّ قصر النّمر أحدَ أعرقِ القُصور التي بُنيت في بلاد الشّام وفي مدينة نابلس بالتحديد، أبّان حُكم الدّولة العثمانية، فالمبنى في أصله عثماني، استخدمت فيه مقاعد مبنية من أحجار رومانية، حملت اسم الـ”كسّالات” وكانت تخصص لحراس القصر، وبه نقوش مملوكية.

في مدخل القصر ورواقه الرئيسي، مقاعد لاستقبال الزوار ممكن كانوا يقصدون الحاكم -قديمًا-، وبه ساحة حملت اسم الـ”سلملك” أي “السلام عليكم”، ثم غرفة الحاكم في جلسةٍ أرضية بحجار صوانية عريقة.

وبه جزء علوي ثانٍ، به عليّة، وهي الغرفة الرئيسية أي غرفة الحاكم وزوجته، وبه غرف للخدم والأمات، كما ويوجد في الجدران نوافذ فخارية، تمكن من هم في داخل الغرفة من رؤية من هم في الخارج، وتساعد في تهوية الغرف وتبريدها.

بوابات واسعة وأقواس شامخة 

ويحوي القصر أيضًا ليوان وديوان، أما الأول فخصص لاجتماعات العائلة الممتدة والأقارب، والثاني خصص للقاءات العامة وكمنامة للضيوف.

وتمتد أجزاء من القصر نحو الأسفل، على صورة مخازن كانت تعمل في أوقات كثيرة كأماكن لسجن الأسرى، وهي أجزاء مخفية تكاد لا تراها حتى تتعمق في المكان.

وللقصر بوابات واسعة، وأقواس تزيد المكان جلالةً وبهاءً، وبه قسم خصص للخيول والمواشي التي يمتطيها الحاكم وعامة الناس لقضاء حوائجهم، علمًا بأن خيول الحاكم تمنع من الاختلاط بما هم دونها، لئلا تختلط دماء هذه الخيول العربية والنقية الصافية بغيرها.

وفي طريقك خارجًا من القصر، تلحظ نوعين من الأقواس، أحدها أقواس مرتفعة وشامخة، يدخل منها من عز مقامهم وكبر شأنهم عند الحاكم، أما الأخرى وهي منخفضة، فيدخل منها العامة أو من يبغضهم الحاكم، كنوع من التفرقة وضبط القوم، وحفظ كبرياء الحاكم.

وعرف عن هذه القصور وحكامها، تأثرهم بمن حولهم من نساء كالأم أو الزوجة أو الأخت الكبيرة، فهؤلاء كن يشاركن في الحكم ويضفين لمستهن في كافة القرارات الصادرة عن الحاكم.

ومهما دوّن أو عرف عن البلدة، فإن الكثير يظل مخبوءًا في طيات التاريخ والحجارة، والبلدة في أصلها ساحرة وعميقة ممتدة، يؤمل من المؤرخين والمهتمين بالآثار الالتفات نحوها والتدوين بشأنها، لكي يُحفظ ما عرف من التاريخ قبل أن يزوّر.

كتبت: سُمية النجّار

تحرير: هالة حسون

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض