Site icon تلفزيون المدينة

مصطلحات الأسرى وليدة السجن وثأر على السجان

للأسرى الفلسطينيين مصطلحات خاصة وليدة حالة الأسر وظروف الاعتقال، منها ما كان لـ”ضرورات” أمنية بعيدًا عن مسامع السجانين وأعوانهم داخل الزنازين، مثل كلمة “غيّمت أو كبسيّة”، والتي لها دلالة واحدة.

في ساعاتٍ ليليّة متأخرة داخل سجون الاحتلال، وقبل قيام “الترجيل” (الحرس المكلف بعد الأسرى) بمهامه اليومية الأخيرة، دخل مجموعةٌ من ضباط جيش الاحتلال على حين غرّة لنيّة تفتيش الأسرى وغرفهم، فبينما كان (النيكيون) يقوم بأعماله الموكّلة إليه بـ(المردوان)، شعر بخطواتٍ ثقيلةٍ على الأرض تقترب من المكان، فـ”صرخ” بصوتٍ عالٍ يميل إلى الخفوت فيسمعه “القريب” ولا يسمعه “البعيد”.. ويقول “(غيّمت) يا شباب.. (غيّمت)”.

وبعد أن سمع الأسير محمود مرداوي (44) عامًا – وهو محرر مبعد إلى قطاع غزة من بلدة قلقيلية في الضفة الغربية – نداء (النيكيون) بعنوانِ (غيّمت).. أخبر الأسرى داخل الغرفة بأن يتجهوا نحو أسرّتهم ويوقفوا “الجلسات” التي عقدوها بينهم كونها ضمن قائمة “الممنوعات”.

ويروي مرداوي لـ”وكالة الأناضول”: “بعد دقائق معدودات فُتح باب الغرفة الحديد، دخل مجموعة من الضباط للقيام بعمليات التفتيش، وبعد أن شاهدوا مشهد الالتزام من قبل الأسرى، أنّبوا (النيكيون) وأقعدوه من عمله عقابًا له، بعد أن تأكدوا أنه حذّر الأسرى من قدومهم”.

وأوضح مرداوي أن الأسرى داخل السجون يستخدمون مصطلحات “خاصة” فيما بينهم بحيث يوصلون من خلالها رسالة دون أن يفهمها ضباط جيش الاحتلال  أو أفراد مصلحة السجون، ككلمة (غيّمت)..وفي حال فهموا تلك “اللغة” فإن عقاباً فردياً أو جماعياً سيقع على الأسير، حسب الرسائل التي يتداولونها فيما بينهم.

وأشار إلى أن كلمة (غيّمت) تعني في اللغة المحلية أن السماء ملبدة بالغيوم، لكنها في لغة الأسرى تعني أن هناك تفتيشًا مفاجئًا للسجون والغرف، وأن الضباط اقتربوا من المكان.

وأما (النيكيون) فهو أسير يعمل داخل السجون، يقوم بعمليات نقل الرسائل والمستلزمات بين الأسرى من غرفةٍ إلى أخرى، كما أنه مسؤول عن إيصال طعام الأسرى إلى الغرف، بالإضافة لتنظيف (المردوان).

و(المردوان) هو الممر في السجن الواحد ويصل الغرف فيما بينها.

وكانت كلمة (التراجيل) من المصطلحات الثابتة التي يستخدمها الأسرى داخل السجون وتعني “عد الأسرى اليومي من قبل إدارة السجن”..وهو إجراء إسرائيلي تقوم به إدارة مصلحة السجون ثلاث مرات يومياً  – في الفترات الصباحية والمسائية وفترة الظهر – لتفقدهم وعدّهم، ويعتبر هذا “العدّ” أسلوبًا للتضييق عليهم و”خنقهم”.

وأضاف: “السجن حياة متكاملة، نتأثر بها كما تؤثر على صياغة أفكارنا وتكوين سلوكياتنا، فلا زلنا – حتى اليوم – نستخدم بعض تلك المصطلحات في حياتنا اليومية، لاسيما فيما بين رفاق القيد سابقاً، ولا يمكن أن يلتقي صديقان سبق وأن التقيا في السجن، إلا وكان السجن ثالثهما من حيث الذكريات والمصطلحات”.

وفي السياق ذاته، يقول الخبير في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة – وهو أسير سابق – إن “السجن لا زال يسكن بداخلنا، ورغم مرور سنوات طويلة على تحررنا، فإننا لم نتحرر بعد، فالسجن مجتمع مختلف له لغته المميزة  وحياة ذات تفاصيل قاسية، فالمجتمع له عاداته وتقاليده الخاصة، برامجه وثقافته، مصطلحاته ومفرداته الكثيرة والتي لا يفهمها إلا من عاصرها”.

ومن المصطلحات التي اعتاد عليها الأسرى داخل السجون، وتعتبر ثابتة لا تتغير.. (الفورة) وتعنى المدة الزمنية التي يسمح بها للأسير بالخروج إلى ساحة السجن للترويح عن نفسه.

ومصطلح الـ (إكس) يطلق على الزنزانة الصغيرة التي يوضع فيها الأسير، إما للعقاب أو التحقيق، وهي ذات حجم صغير لا تتسع لأكثر من شخص، وتخلو “الإكس” من مرحاض، ويوضع فيها أحيانا “تنكة” –وعاء معدني صغير- لقضاء الحاجة، وبعض “الإكسات”، خاصة التي تستخدم للتحقيق، يوجد فيها مرابط حديدية لتقييد أطراف الأسير.

ويتداول الأسرى داخل السجون لفظ (الكبسولة).. وهي وسيلة يستخدمها الأسرى لتهريب الرسائل فيما بينهم أو إلى خارج السجون، بحيث يكتبون ورقة صغيرة جدًا، ويغلفونها جيداً بالنايلون.. حتى تأخذ حجم “الكبسولة”.. ويشربونها كـ “الدواء” وهي غير قابلة للهضم.

ويفسر فراونة مصطلح (البوسطة) على أنّها سيارة لنقل الأسرى شبيهة بـ”الشاحنة” وتتبع لإدارة السجون الإسرائيلية، ولا يوجد في الشاحنة سوى فتحات صغيرة جدا، وكراسٍ حديدية، يجلس عند بوابتها عناصر من الجيش الإسرائيلي، وينقلون فيها للمستشفى وللمحاكم الإسرائيلية العسكرية.

ويطلّ مصطلح (العصافير) من داخل السجون للدلالة على الأسرى العملاء لصالح دولة الاحتلال ، وكل من يصبح عميلاً داخل السجون يطلق عليه اسم “عصفور”.

ومنذ سنوات تضع إدارة السجون هؤلاء العملاء في غرف خاصة بهم، تحت إشراف المخابرات التي تستخدمهم لانتزاع الاعترافات منهم عن طريق الخداع.

وأما لفظ (الجلسة) فهو دلالة عند الأسرى الفلسطينيين، وتستخدم كتعبير عن تقليد أصيل لدى الأسرى، حيث يجتمعون يوميا على شكل حلقات صغيرة داخل الغرف، لمناقشة مواضيع ثقافية أو سياسية أو حتى أمور داخلية، وتشبه الحصص والمحاضرات الجامعية، كما أن هناك جلسات خاصة لكل تنظيم وجلسات مشتركة، وتمتاز بالالتزام والدقة في مواعيد عقدها.

وتعتبر (الكانتينا) من أكثر المصطلحات المستخدمة داخل السجون “شيوعاً”.. وتعني متجر السجن، حيث يحدد مخصص مالي شهري للأسير من قبل وزارة الأسرى، من أجل الاستخدام الشخصي داخل السجن وشراء حاجيات الأسير.

وفي المعتقلات المكونة من عدة “خيام” يقبع فيها الأسرى، انتشر مصطلح (البُرش)، للدلالة على “الأسرّة”  المكوّنة من  قطعة خشبية مسطّحة، مكونة من فراغات ينام عليها الأسير، وتسبب له تقرحات وآلام عديدة.

ويلفت فروانة إلى أن الكثير من المصطلحات “العبرية” انتشرت بين الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، وذلك لاعتيادهم على سماعها من قبل الضباط وأفراد مصلحة السجون، ومن هذه الكلمات “العبرية” كلمة (مَربَعاه).

ويشير إلى أن الكلمة تعني العيادة الطبية الخاصة بمستشفى سجن الرملة.

كما انتشرت بينهم كلمة (خوفيش) العبرية والتي تعني “الممرض” الذي يعمل في مستشفى السجن، منوهاً إلى أنهم لا يستخدمون مسمى “عيادة أو ممرض” مطلقاَ، وأن المصطلحات العبرية تلكّ درجت فيما بينهم.

وتنتشر أيضا داخل السجون كلمة (صوهير) العبرية وترجمتها للعربية تعني “السجان”، أما الضابط المناوب فقد يطلق عليه بالعبرية مسمى (كينيس توران).

ويضيف فراونة: “يستخدم الأسرى للتعبير عن زيارة الأهل لهم مصطلح (بيكور)، كما أن كلمتي (المردوان والنيكيون ) تعتبران من ضمن اللغة العبرية البحتة”.

ويتناول الأسرى طعامهم  في أطباقٍ بلاستيكية ذات عمقٍ يزيد على 5 سنتيمترات تسمّى (كارا)، كما يطلقون على “الأواني” البلاستيكية التي يُنقل فيها الطعام مصطلح (المقاش).

المصدر:وكالة الأناضول

Exit mobile version