قبل زمن بعيد, كان الحمار حاضرا بقوة في البيئة الفلسطينية, نظرا لأهميته في الزراعة والحراثة والتنقل, وكان أي متجول في القرى والارياف الفلسطينية يلاحظ وجوده بكثرة قرب المنازل وفي الحقول. كانت هذه المشاهد بارزة نحو عشرين عاما, إلا أنها أخذت بالتغير رويدا رويدا
اليوم , إذا تجولت في الريف الفلسطيني فإنك لن تلحظ وجود الحمير كما كان عليه الحال سابقا. “أبو صابر”كما يسمى نظرا لتحمله وصبره, اختفى من المشهد وبات وجوده محصورا لدى قلة من المزارعين في كل قرية او تجمع.
وبحسب تقرير نشرته مجلة آفاق البيئة والتنمية فإن هناك أسبابا عدة وراء تراجع أعداد الحمير في الاراضي الفلسطينية, من بينها تراجع النشاط الزراعي والتوسع في شق الطرق الزراعية واستخدام المعدات والجرارات الزراعية في الحراثة والتنقل بدلا من الحمير, بحسب جمعية الحياة البرية في فلسطين (منظمة غير حكومية),
ويدلل على تراجع النشاط الزراعي ما أورده تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ” أداء الاقتصاد الفلسطيني 2018″, إذا بلغت مساهمة أنشطة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8% في قطاع غزة مقابل 2.6% في الضفة الغربية وهي نسبة متدنية مقارنة بالقطاعات الأخرى, لا سيما قطاع الخدمات وقطاع التجارة . علما أن مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي باغت في منتصف السبعينيات نحو 36% , ثم انخفضت إلى 25% في الثمانيات وفي عام 1994 تراجعت إلى 13.4%, واستمرت هذه النسبة بالتدني حتى وصلت عام 2018 إلى 3%.
أسباب أخرى تطرحها جمعية الحياة البرية من خلال مديرها عماد الأطرش , منها التوسع العمراني في الأرياف الفلسطينية , وسياسات الاحتلال ضد المزارعين والبدو , خصوصا في السفوح الشرقية التي تصل في بعض الأخيان إلى ملاحقة رعاة الاغنام ومصادرة الحمير الخاصة بهم بذرائع أمنية.
بالرجوع إلى المصادر الرسمية لا نجد أي إحصاءات متعلقة بأعداد الحمير , هناك معطيات عن الثروة الحيوانية كالأغنام , والأبقار , والدواجن , وغيرها. بحسب تقديرات جمعية الحياة البرية – مقرها بيت لحم- فإن أعداد الحمير في الضفة الغربية تراجعت من 40 ألف حمار قبل عشرين سنة , إلى 15 ألفا في وقتنا الحالي تتوقع الجمعية استمرار تناقص اعدادها في ظل افتقارها للرعاية والاهتمام وتراجع القطاع الزراعي عموما.
ومن مؤشرات تناقص أعداد الحمير بحسب السلعوس, تضاعف أسعارها في السنوات الأخيرة , إذ ارتفع سعر الحمار البلدي بعمر 5 سنوات من 400 دينار أردني إلى قرابة الف دينار . ويرتفع السعر أكثر من ذلك لفصيلة الحمير القبرصية والبغال.
المصدر : الاقتصادي