كتبت الزميلة سما ملحيس حول صعوبة إدخال ثلاجة جديدة للبلدة القديمة:
“جيراني الليلة إحتاجوا لسبعة رجال على الأقل..
إن كنت من سكان البلدة القديمة لن يرغمك الفضول على قراءة هذه القصة بالتأكيد لديك معاناتك الخاصة..
أن تملك بيتاً في البلدة القديمة بنابلس وتكون من سكانه الأصلين هو تحد لكل تطورات العصر والتكنولوجيا لكل التحديثات المتعاقبة والمتتالية..
بدءاً من رائحة الرطوبة والجدران السميكة التي تعيق موجات الاترنت.. وانتهاء بالأدراج الطويلة والأسقف العالية..
أن تعيش عمرك في منزل عاش فيه جدك و وجد جدك وأجدادهم قصص طويلة ستحكيها لأولادك.. وأحدهم سيرث المنزل بعيوبه أكثر من حسناته.. لكنه الحب هو الشيء الوحيد الذي يبقيك.. المكان يختارك لا تختاره هو يحبك فيبقيك فيه وإن لم يحبك استبدلك، صدقاً الأماكن تختار ساكنيها..
نعود لقصة الثلاجة التي أحضرها جيراني والتي الزمتهم ليلة كاملة من التخطيط والتحضير لإيصالها المنزل وعلى الأقل ما شاهدته ٧ رجال لإيصالها ناهيك عن أن كل الحوش عرف إنهم جابوا تلاجة جديدة..
المهم.. لفت الثلاجة إلى الجهة الخلفية من المنزل حيث يوجد نافذة تقود ربما إلى الصالة وليس الى المطبخ النافذة بارتفاع ثلاثة طوابق تقريبا وعليها حراسة حديدية
يا إلهي ما هذا الشقاء..
الخطوة الأولى فك حراسة الشباك تمت بنجاح..
الخطوة الثانية تجميع أكبر قدر من الشباب القبضايات.. تمت بنجاح..
تحديد المشرف عن العمل وإشعال السيجارة وإبقائها في فمه طول ماهو بشتغل.. وتحديد آلية الحركة والتنفيذ..
والمرحلة الأخيرة هي بدء التنفيذ وتعد المرحلة الصعبة المنهكة..
الثلاجة صعدت على زينكو ثم سقف مهترئ ثم تنك وأخذت استراحة وانقسم الفريق الى قسمين قسم عاد إلى المنزل وخرج من الشباك والقسم الآخر بقى بقرب الثلاجة مرحلة دقيقة وصعبة فوق التنك و زينكو ممتد اذا رفعت الثلاجة بشكل مستقيم ستنحشر تحت الزينكو..
يلزم شخص يقف خلفها على التنك ليدفعها حتى لا تحشر..
أحدهم قال يلزم حرام نحطو على الزينكو ونسحبها سحب..
أحضرت سيدة المنزل الحرام ويدها على خدها وكنت أشعر بقلقها وتوترها..
ذهبت وعادت وأحضرت حراما آخر خذوا كل العفش بس طلعوها بسلام يارب توصل..
بدأت عمليه الشد والسحب والصراخ المنهك الذي يخرج من أعماق الرجال حين يحملون فوق طاقتهم.. وصلت الزينكو بسلام الحمدلله.. لكن بقيت هناك مشكلة يوجد أسفل الشباك قبة كيف ستجلس الثلاجة على القبة واقفة أم مسطحة الأفضل أن تبقى مائلة قليلا لتتناسب مع دائرية القبة وصلت الثلاجة إلى القبة تجمهر الرجال حولها وأنا تحمست أخيرا قربت ع الشباك خطر ببالي اقولهم قولو الله يا رجال بس الاولاد نايمين وبراء ممكن يخلع راسي فضليت ساكتة أحسن.. بقيت أراقب بهدوء وصولها وأخيرا دخلت الثلاجة من الشباك الحمدلله وصلت صحيح الكرتونة تفتت والشباب إشي انفتق واشي اجاه دسك بس وصلت..
مبروكة يا حجة.. بدها حلوان
لازم هالشباب عشوة مفتخرة..
رجعوا الجيران الشباك محلو ومرجعوش الحراسة بدها حداد مهي الحراسة هلأ..
ونسيوا الحرام على الزينكو 🤦♀️
أليس هذا صمود وتحدي أليس هذا بشقاء.. لا أحد يفكر بأهالي البلدة القديمة لا أحد يراهم ليساهم من تخفيف معاناتهم..
أتدرون ماذا يحدث لنا حين يكون هناك حدث أمني لا أحد يتخيل فقط من يسكن هنا يعرف.. وهذا شعور لايمكن وصفه هنا ربما في مكان آخر ووقت آخر..”