الأخبار

واشنطن وتل أبيب.. تباين في المواقف وانسجام بالأهداف

في خضم الحرب الشرسة التي يخوضها الاحتلال على قطاع غزة، بدعم أمريكي رسمي واضح منذ بدايتها، يخرج ممثلون عن الإدارة الأمريكية ومتحدثون باسمها، بتصريحات تتباين مع الموقف الأمريكي المعلن، في محاولة لتصدير مواقف تتناغم مع الحراك الشعبي في أنحاء العالم، ومحاولة حفظ ماء الوجه قليلًا أمام المجازر التي تنفذ بحق المدنيين في القطاع.

أحد تلك التصريحات، جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، أمس الأربعاء، حين قال إن الولايات المتحدة ستعترض على أي منطقة عازلة مقترحة إذا كانت داخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ذلك يخالف موقف واشنطن المتمثل في أن مساحة القطاع الفلسطيني يجب ألا تتقلص بعد الصراع الحالي.

وكانت “رويترز”، أفادت الأسبوع الماضي بأن “إسرائيل” أخطرت دولًا عربية بأنها تريد اقتطاع منطقة عازلة داخل الجانب الفلسطيني من حدود غزة لتفادي الهجمات المستقبلية في إطار مقترحات لمستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب.

وفي تصريح آخر لـ”ميلر”، قال: “إن “إسرائيل” لا تبذل ما يكفي للسماح بدخول المزيد من الوقود والمساعدات إلى غزة، وعليها تكثيف الجهود، مضيفا أن واشنطن تتواصل مع إسرائيل للسماح بدخول المزيد من الشاحنات”.

وأضاف “لم يبذل ما يكفي من الجهد في الوقت الحالي، ومستوى المساعدات التي يجري إدخالها ليس كافيا، وأوضحنا لهم أنه يجب أن يرتفع، مستوى الوقود الذي يجري إدخاله ليس كافيا، إنه بحاجة إلى الزيادة”.

في حين قالت الخارجية الأمريكية في بيان لها، “إنها لا تريد أن ترى نزوحا من جنوب قطاع غزة مثلما حدث في الشمال”.

تبادلية التكتيك”..

وعلى الرغم من محاولة الإدارة الأمريكية إظهار تلك المواقف، إلا أن محللين وخبراء أشاروا إلى أن تباين بعض المواقف بين الولايات المتحدة والاحتلال، لا يعني تباين الأهداف للطرفين وإنما انسجامها.

مدير مركز يبوس للأبحاث والدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، يشير إلى “تبادلية التكتيك لتحقيق ذات الهدف لواشنطن وتل أبيب”.

ويقول بشارات في حديثه: “لا يغركم أن هناك حديث عن خلافات أمريكية فيحول الحرب على غزة، فما نستمع له يوميا هو عبارة عن تباين في المواقف وتبادلية التكتيك لتحقيق ذات الهدف”.

ويتابع: “من وفّر الغطاء السياسي والدعم العسكري الكامل ويشارك بإدارة الحرب، لا يمكن له أن يختلف مع من ينفذها ميدانيا”.

ويرى ضيفنا، أن “هذا التباين يخدم الطرفين الأمريكي والاحتلال، إما مرحليا؛ لتعزيز المواقف الداخلية لكل منهما أمام ضغوط الشارع، أو مستقبليا؛ لتحقيق الرؤية “الأمريكية الإسرائيلية” في المنطقة، أو الطريق الذي ستمهد من خلاله واشنطن للاحتلال بخروج يحفظ لها معادلة صورة الدولة صاحبة القدرة على الديمومة”.

وفي تصريح أمريكي آخر، جاء تعقيبًا عما يمارسه المستوطنون من جرائم بالضفة الغربية، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت قيودا على التأشيرات، والتي تستهدف المتورطين في أعمال تمس الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، حسب قوله.

وأضاف: “سنواصل السعي لتحقيق المساءلة عن جميع أعمال العنف ضد المدنيين في الضفة الغربية، بغض النظر عن مرتكب الجريمة أو الضحية، وعلى الاحتلال أن يتخذ المزيد من الإجراءات لحماية المدنيين الفلسطينيين من الهجمات المتطرفة”.

“تغيير في طريقة تقديم الموقف”..

من جانبه، يرى الخبير في النزاعات الدولية في جامعة جورجتاون في قطر، إبراهيم فريحات، أن الموقف الأمريكي وبالرغم من تصريحاته حول المساعدات الإنسانية وإدانة عنف المستوطنين وغيرها، فإن الموقف الأمريكي من الحرب لم يتغيّر، حيث لا يزال الجسر الجوي الداعم للاحتلال بالعتاد والأسلحة الأمريكية مستمرًا.

ويقول فريحات: “إن كثرة حديث الادارة الامريكية عن المساعدات الإنسانية لغزة والحد من عدد الضحايا المدنيين وادانة عنف المستوطنين، هل هذا يعني تغيير بموقف الادارة الامريكية تجاه الحرب على غزة؟”.

ويضيف في منشور على صفحته على “فيسبوك”: “بعد الجدل الكبير داخل وزارة الخارجية الأمريكية حول موقف الإدارة الأمريكية من الحرب على غزة، تبلور موقف لدى الأخيرة بعدم تغيير الموقف من الحرب نفسها، ولكن في الطريقة التي يتم تقديم موقفها إلى العالم الخارجي، وهو ما يسمى تغيير في “المواقف العامة” Public Posturing، أي الطريقة التي يتم تقديم الموقف بها”.

ويردف: “الموقف نفسه لم يتغير، حيث يستمر الجسر الجوي بالعتاد والسلاح دعماً للاحتلال بالحرب، وكذلك الموقف السياسي باستمرار الحرب نفسها، ولكن ضرورة التغيير في لغة الخطاب بحيث يتم التركيز على البعد الإنساني وبإدانة “عنف المستوطنين” وضرورة “تقليل عدد الضحايا من المدنيين إلى حده الأدنى” كما ورد في بيان قمة السبع الذي انسجم مع هذه الاستراتيجية”.

ويشير الخبير، إلى أن “ما يمكن أن يغيّر موقف الإدارة الأمريكية، هو فقط الضغط الشعبي المتزايد، خصوصاً أن عامل الوقت هو ليس لصالح بايدن الذي يقترب من الانغماس في العملية الانتخابية لإعادة انتخابه، خصوصاً مع بداية الشهر القادم”.

المصدر: سند

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض