نازحون يرفضون مغادرة رفح: “إلى أين نذهب؟!”
يرفض نازحون مغادرة مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، والتي تؤوي أكثر من مليون نازح جراء الحرب المستمرة في قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي.
وتأتي هذه الخطوة ردًا على تهديدات حكومة الاحتلال المتواصلة بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في رفح المتاخمة للحدود مع مصر، وسط ردود دولية وأممية واسعة ومحذرة من عوقب كارثة لا يمكن تصورها.
وكثف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وأركان حكومته من التصريحات حول أهداف العملية البرية في رفح التي تؤوي ما يقارب 1.4 مليون فلسطيني وفق تقديرات الأمم المتحدة.
ويطرح النازحون تساؤلاتٍ حول وجهتهم بعد مغادرة رفح، “إلى أين نذهب؟ إلى القمر أم نغرق في البحر؟“. ويُطالبوا بوقفٍ فوريٍّ للحرب، وتمكينهم من العودة إلى منازلهم في شمال ووسط القطاع بسلامٍ وأمان.
ويتساءل النازح أحمد العطار “إلى أين نذهب؟، أخبرونا أين يوجد مكان آمن في غزة لنذهب إليه! لا يوجد مكان آمن من السلك إلى السلك (في إشارة لحدود قطاع غزة المحاطة بأسلاك وجدران إسمنتية سواء مع أراضي الـ 48 المحتلة أو مصر).
وقبل الحرب كان “العطار”؛ وهو مبتور القدمين يسكن في بيت حانون، وعاش أيامًا قاسية خلال نزوحه المتكرر من البلدة الحدودية شمال القطاع مرورًا بالوسط وخان يونس إلى أن أستقر به الحال في رفح، جنوبًا.
ويقول العطار بحرقة: “أنا مقعد وأطفالي وزوجتي لا حول لهم ولا قوة. عندما نزحنا في بداية الحرب رأينا الويل، وبعد استقرارنا برفح تعذبنا كثيرًا من أجل تسوية الأرض وبناء خيمة وحمام وتوفير مستلزمات الحياة الضرورية”.
ويضيف: “اليوم نتنياهو يريد من المدنيين الرحيل من أجل مستقبله السياسي. طيب لوين نروح؟! نرمي حالنا بالبحر ولا نسافر على القمر؟!”.
وتُعاني رفح التي تبلغ مساحتها 55 كيلو مترا مربعا من ازدحامٍ كبيرٍ بسبب تدفق النازحين من مختلف أنحاء القطاع، ممّا أثر على الخدمات الأساسية والبنية التحتية للمدينة.
وتنتشر عشرات آلاف الخيام في شوارع وأحياء المدينة وعلى الرمال الصفراء على ساحل البحر المتوسط وعلى طول حدود قطاع غزة مع مصر.
ولا تعرف سيدة مهاني وهي تحمل الجنسية المصرية وتسير بواسطة كرسي متحرك إلى أين تذهب بعد موجات نزوح عاشتها مع أسرتها خلال الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة.
ورحلت مهاني وأسرتها من الشجاعية إلى النصيرات ثم إلى خان يونس إلى أن أستقر بها الحال في رفح، وتقول لمصادر إعلامية: “نتنياهو يريد منّا الرحيل، إلى أين؟! لا يوجد مكان نرحل عليه إلا أن نُلقي بأنفسنا في البحر أو نصعد إلى القمر”.
ووصفت المسنة الحرب بأنها من أقسى وأشد الحروب التي عاشتها منذ أن أبصرت النور عام 1948، وهو تاريخ النكبة الفلسطينية وإقامة الكيان على أرض فلسطين التاريخية.
بينما يقول المقعد محمد بلي، وهو مريض فشل كلوي: “وصلنا رفح على أساس أنها آمنة، لكن هذا كذب، كل يوم تُقصف المدينة جوًا ومن قبل المدفعية”.
وأضاف بلي مخاطبًا نتنياهو: “نحن المرضى والأطفال والنسان أين نذهب؟!”.
وتُطالب المنظمات الإنسانية الدولية بضرورة وقفٍ فوريٍّ لإطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية للنازحين، ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وحذرت منظمة العفو الدولية من خطر ما سمته “إبادة جماعية” وشيكة بمدينة رفح؛ حيث لا يوجد للمدنيين مكانًا يهربون إليه من القصف.
وقال الأمين العام للعفو الدولية أنياس كالامار في تصريحات للصحافيين في دبي إن “القتل الجماعي والتهجير ومزيدًا من الجرائم ضمن عواقب عملية محتملة برفح“.
وتصر السيدة أروى مسعود على الصمود والثبات حيث تقيم في مجمع خيام يحمل اسم بلا دموع وسط رفح، إذ تقول “نتنياهو لا يريد شعب غزة على كوكب الأرض لكن نحن أصحاب الأرض ولن نرحل من هذا المخيم إلا على بيوتنا ولو كانت مدمرة سوف ننصب الخيام على ركامها ونعيد إعمارها من جديد”.
وتوضح أن محنة النزوح فتحت لها نافذه للتعرف على العائلات ولمس حالة التكافل الاجتماعي التي أعانها على تحمل الظروف القاسية التي عاشتها خلال الأيام الأولى لنزوح عائلتها من مدينة خان يونس إلى رفح.
وقالت الطفلة دانا سعد (14 عامًا) إن “القصف على رفح لا يتوقف، وإنها عاشت وأشقاؤها ليلة مروعة هذا الأسبوع واحتموا أسفل وسادات النوم داخل الخيمة”.
وأضافت أن كل سكان مخيم “بلا دموع” يصرون على عدم الرحيل من رفح إلا على منازلهم وأحيائهم عند انتهاء الحرب على غزة.
وشهدت مدينة رفح فجر الأحد الماضي عملية إنزال استهدف مخيم الشابورة شمالي المدينة، وتخللها سلسلة غارات عنيفة استهدف مناطق مختلفة مما أسفر عن استشهاد 63 مواطنا وإصابة أكثر من 100 بجراح مختلفة وفق ما أفاد مدير مستشفى أبو يوسف النجار في رفح الدكتور مروان الهمص.
وحذر رئيس بلديه مدينة رفح، أحمد الصوفي، من أن “العدوان على رفح يهدد بوقوع المزيد من المجازر الكبيرة علاوة عن الكوارث الإنسانية والصحية التي تعيشها المدينة”.
وقال الصوفي إن القصف المكثف على رفح لم يتوقف خلال الأسبوع الجاري مما تسبب بضغط كبير جدًا على فرق الإنقاذ والطوارئ العاملة في المدينة والتي تعد الملاذ الأخير لسكان القطاع.
المصدر: سند