نازحون في حديقة حيوانات رفح يتقاسمون الجوع وآلم الحرب
وأجبر القصف غير المسبوق معظم سكان غزة على النزوح عن منازلهم قسرا، يتكدس أكثر من مليون منهم في رفح قرب حدود قطاع غزة مع مصر.
وقطاع غزة يعد أكثر منطقة في العالم اكتظا بالسكان، وقد تعرض كثير من منازله وأحيائه ومدنه للقصف والتدمير على رؤوس ساكنيها خلال الحرب المتواصلة منذ 90 يوما.
ونصب نازحون عددا من الخيام البلاستيكية بين حظائر الحديقة الخاصة، وبعضهم يئن وسط أجواء القصف المتواصل وحرب التجويع التي تمارسها إسرائيل ضد سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
ومثل مئات الآلاف من النازحين تعاني حيوانات الحديقة من الجوع الشديد.
وقال عامل كان يلقي شرائح من الخيار داخل قفص القرود “كل يوم يمر على هذه الحيوانات دون طعام يقربها من الموت. نحاول تقديم طعام بديل لهم لكن لا يقبلون على تناوله”.
وأضاف وهو يشير إلى قفص بداخلة أسد ممد بينما كانت اللبؤة تصيح من شدة الجوع “اليوم طعام الأسد واللبؤة عبارة عن خبز (عيش) ناشف مخموص بالماء. وكل أسبوع أو أسبوعين عندما تتوفر بقايا دجاج نقدمه لهم”.
مزار يتحول مركز إيواء
وكانت الحديقة التي تمتلكها عائلة جمعة، مزارا للأطفال والكبار خلال السنوات الماضية لكنها وسط الحرب تحولت إلى مكان للإيواء أو لطلب المساعدة.
ومعظم الذين لجؤوا إلى حديقة الحيوانات هم أفراد من عائلة جمعة الممتدة الذين كانوا يعيشون في أنحاء مختلفة من قطاع غزة قبل أن يدمر جيش الاحتلال منازلهم.
وقال مالك الحديقة أحمد جمعة لمصادر إعلامية: “عندما اندلعت الحرب صار حملي مضاعفا. أقاربي والحيوانات أصبحوا في عهدتي وهم يحتاجون إلى الماء والغذاء وما باليد حيلة…”.
وأضاف جمعة أن خمس قرود نفقت خلال الحرب جراء الجوع بينما تعاني ثلاثة أخرى من ضعف شديد “.
ويخشى الرجل على حياة شبلين أنجبتهم اللبؤة قبل الحرب، وقال: “فقد الشبلان نصف وزنهما، ولا تتوقف اللبؤة عن الصياح مع عدم توفر اللحوم أو الدجاج لهم “.
وتابع “حرب التجويع في غزة طالت الأنسان والحيوان وما يحدث شيء جنوني لا يتقبله عقل أو منطق “.
وتواجه الأسر الفلسطينية النازحة سيلا من المصاعب، وسط الغارات المتواصلة وظروف معيشية قاسية، حيث لا كهرباء، أو مياه صالحة للشرب، أو وقود، أو غيرها من متطلبات الحياة الأساسية.
عقاب جماعي
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الخميس: إن الوقت يتسارع نحو حدوث المجاعة الشاملة في قطاع غزة مع تواصل الحرب منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وصرح مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني في بيان على حساب الوكالة بموقع فيسبوك بأن الشعب الفلسطيني يتعرض لعقاب جماعي مع عدم السماح بدخول سوى القليل من المساعدات الإنسانية.
وأوضح لازاريني أن الوقت يتسارع نحو حدوث المجاعة ويجب وقف إطلاق النار الآن في غزة بعد ثلاثة أشهر طويلة مرت على الحرب الوحشية.
حياة بائسة
ووصفت أمل جمعة وهي نازحة من مخيم جباليا شمال القطاع، كانت تجلس وسط الحديقة تحت أشعة شمس الشتاء، الحياة التي تعيشها وأسرتها ب” البائسة “، وقالت” نعيش بين الحيوانات ونشم الروائح في النهار والليل، والأطفال في بعض الأحيان يصرخون خوفا من أصوات الحيوانات الجائعة “.
وأضافت مصادر إعلامية “رغم ذلك أنا أحسن من غيرنا. هناك عائلات أبيدت جراء القصف وأخرى لا تعرف شيئا عن مصير أبنائها”.
وتقدر الأمم المتحدة أن 1.9 مليون شخص، أو ما يقرب من 85 % من إجمالي سكان غزة، أصبحوا نازحين داخليا، بما في ذلك بعض الذين نزحوا عدة مرات، حيث تضطر العائلات إلى الانتقال المتكرر في القطاع بحثا عن السلامة.
ويعيش ما يقرب من 1.4 مليون نازح في 155 منشأة للأونروا في جميع محافظات قطاع غزة الخمس.
وتعد رفح الآن الملجأ الرئيسي للنازحين، حيث يعيش أكثر من مليون شخص في منطقة مكتظة للغاية، في أعقاب تكثيف الهجمات في خان يونس ودير البلح وأوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي.
وقال مسن فلسطيني عرف نفسه باسم محمد وكان يجلس بالقرب من قفص الببغاوات” كفى حروب. كفى قتل. كفى تدمير”.