مخاوف الوطن البديل والتهجير.. تدفعان الأردن لمواقف مشددة ضد الاحتلال
بدت مواقف النظام الأردني، التي وصفت بـ “القوية والمتقدمة” خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة، على غير عادة النظام المصنف تاريخياً على تيار الاعتدال العربي، والحليف التقليدي للولايات المتحدة.
ففي بدايات الحرب ومع ظهور ملامح مخططات الاحتلال المدعومة أمريكياً، سارع النظام الأردني بالدعوة لـ”ضبط النفس” ورفض خطط تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وعدم الاستجابة لضغوطات إدانة عملية “طوفان الأقصى”.
ومع مواصلة ارتكاب مجاز عدة بحق المدنيين في غزة، أصدر الأردن قراراً بسحب سفيره في دولة الاحتلال، ليتبعها بعد ذلك بالإعلان عن تأجيل التوقيع على اتفاقية “الطاقة مقابل المياه” مع تل أبيب والتي كان من المقرر البدء بها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وما بين هذه المواقف وتلك، صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في أكثر من مناسبة على استحالة هزيمة حماس، على اعتبار انها “فكرة لا تنتهي”، كما أعلن الصفدي رفض بلاده لفكرة إرسال قوات عربية إلى القطاع، مهدداً بأن أي تهجير للفلسطينيين يعتبر “إعلان حرب”.
مواقف مرحلية لا تعكس انقلاباً
ورغم “قوة وأهمية”” هذه المواقف، يراها مراقبون أنها لا تعكس بالضرورة تغيراً جذرياً في سياسة الأردن الخارجية التي تحكمها اتفاقية “وادي عربة” مع الاحتلال، ونابعة من مخاوف خطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى شطرها الثاني الضفة الشرقية.
ومما زاد من هواجس الأردن، وجود حكومة يمينية “إسرائيلية” متطرفة، وفي الخلفية “صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2020 والتي يبدو أنها لم تغب عن مخططات الإدارة الأمريكية لحل القضية رغم تغير سيد البيت الأبيض.
مواقف متشددة.. ولكن
الكاتب الصحفي الأردني حسن حيدر، يشير إلى أن العلاقة بين الأردن وحكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو، كانت توصف قبل “طوفان الأقصى” بالمتأزمة، على خلفية الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى وتصاعد الاستيطان.
ويضيف حيدر: “بعد ذلك جاءت حرب الإبادة في غزة، لتثير المزيد من قلق الأردن، خصوصاً أن الحل الإسرائيلي للأزمة قائم على استراتيجية التهجير”.
ويعتقد الصحفي الأردني، أنه من الممكن أن تشهد المواقف الأردنية مزيداً من التشدد خلال قادم الأيام، خاصة أن مجلس النوّاب الأردني يناقش حالياً مستقبل اتفاقية التسوية بين الأردن والاحتلال (وادي عربة).
ويستدرك: “لكن بالتأكيد هذا التشدد لن يذهب إلى أبعد من الإجراءات الدبلوماسية، خاصة أن المملكة لا تملك أدوات ضغط كافية للتأثير على الأحداث”.
وحسب “حيدر” فإن المواقف الأردنية الرسمية نابعة أيضاً من حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع الأردني.
ويتابع: “في بلد تمتد حدوده مئات الكيلومترات مع فلسطين المحتلة، وتتداخل تركيبته السكانية بين مواطني ضفتي النهر الشرقية والغربية ووجود صلة قرابة ودم بين الطرفين، يصبح مزاج الشارع في هذه الحالة جزءاً من القرار السياسي”.
وطوال الأسابيع الماضية من عمر الحرب، شهد الشارع الأردني خروج مسيرات غاضبة شارك فيها آلاف المواطنين الذين حاولوا الوصول إلى مقر “السفارة الإسرائيلية” والحدود الأردنية الفلسطينية في منطقة الأغوار، قبل أن يمنعهم الأمن الأردني.
المصدر: سند