لم يجد متسعًا في الحياة.. علاء أبو الشعر ضحية نقص الدواء بغزة
كان الشاب علاء أبو الشّعر (33 عامًا) طريح فراش المرض، يرتقب أية استجابة إنسانية لإنقاذ حياته، لكن الخذلان سيّد الموقف فكان الموت أقرب إليه؛ بعد أن فاقمت حرب الإبادة ظروفه الصحيّة؛ في ظل انهيار النظام الصحي في قطاغ غزة وانقطاع الدواء، وإغلاق معبر رفح البري.
الشاب علاء أبو الشعر من سكان حيّ الدرج في مدينة غزة كان يُعاني من مرضى حمى البحر المتوسط منذ نحو 20 عامًا، ومنذ ذلك الحين يتبع نظامًا غذائيًا ودوائيًا خاصًا، جعله يُمارس حياته بشكلٍ طبيعي، وقد تزوج وأنجب طفلين.
لكن منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الفائت، وتشديد الحصار على قطاع غزة، لا سيما على محافظتي غزة والشمال، بدأ “علاء” يفقد نظام حياته تدريجيًا، حتى صار طريح الفراش لا يستطيع المشي على قديمه، يرتقب أملًا بالنجاة، لكنه استشهد قبل أيامٍ قليلة؛ وترك حزنًا كبيرًا في قلوب ذويه.
يقول بشير أبو الشعر، ابن عم الشهيد: إنّ “علاء” كان يمارس حياته بشكلٍ طبيعي، ولا يشتكي من أعراض المرض الذي أصابه منذ كان طفلًا، حيث كان ملتزمًا بنظام دوائي وغذائي خاص لكن بعد الحرب انقلت حياته بشكلٍ غير مسبوق.
ويوضح أنّ الأدوية والمواد الغذائية بدأت تنفذ شيئًا فشيء حتى أصبحت المستلزمات الأساسية غير متوفرة، ومن هنا بدأت تتدهور حالته الصحية وصارت تظهر عليه بعض الأعراض، كانتفاخ الوجه ومختلف أنحاء جسده، وأوجاع بالبطن لا تتوقف.
تنقل “علاء” بين مستشفيات شمال غزة بحثًا عن العلاج أو ما يخفف عنه آلام المرض، لكنه كان يصطدم دائمًا بشح الأدوية ونقص الكوادر الطبية، ما فاقم حالته الصحية سوءًا، ويوضح أنّ الأطباء يفعلون كل ما بوسعهم لكن لا يتوفر أي شيء طبي في القطاع حيث خرجت المستشفيات عن الخدمة.
ويُضيف ابن عمّه أنّه بعد 4 شهور من اندلاع الحرب أصبح طريح الفراش ولا يقوى على فعل شيء، وبعد إغلاق معبر رفح منذ 100 يوم عقب عدوانها على مدينة رفح جنوب القطاع، تعمقت معاناة “علاء” كغيره من المرضى بسبب عدم قدرتهم على السفر للعلاج.
ونزح “علاء” أكثر من مرة داخل مدينة غزة؛ على وقع القصف المتواصل والمجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين منذ شهور طويلة، لكنه بعد أن فقد قدرته على المشي، قرر البقاء في منزله مرغمًا ونجا بأعجوبة من أحد الصواريخ التي استهدفت أحد المنازل المجاورة لهم، بحسب ما جاء في حديث ضيفنا.
ويلفت، أنّ عائلته ناشدت المؤسسات ذات الصلة كثيرًا، قبل إغلاق المعبر لإنقاذ حياة نجلها، ومن ثم ناشدت لتوفير العلاج اللازم، لكن لم تلقَ أي استجابة، ما جعله يعّد أيامه الأخيرة في الحياة بحسرة وقهر.
ويتابع أنّه وعلى ضوء التدهور الذي طرأ على صحته، اضطر الأطباء لإقرار غسيل كلى لـ “علاء” للتخلص من السموم التي انتشرت في جسده من تداعيات المرض، إلى أن ارتقى شهيدًا قبل أيام، وكانت آخر أمنياته أن يحظى بفرصة أخيرة بالحياة.
وتؤكد العائلة أنّ “علاء” استشهد بسبب مماطلة وخذلان العالم وعدم استجابته لاستغاثته؛ من أجل العلاج والعودة لطفليه بصحة جيدّة.
وحكاية الشاب علاء أبو الشعر ليست استثنائية، فيوميًا يفقد مرضى وجرحى حياتهم، لعدم توفر العلاج اللازم لهم في قطاع غزة، وحرمانهم السفر للعلاج في الخارج.
وبحسب بيانات نشرها الإعلام الحكومي اليوم الأربعاء، فإنّ “الاحتلال” منع منذ احتلال معبر رفح البري في مايو/ أيار الماضي، سفر 25,000 مريض وجريح لديهم طلبات سفر وتحويلات للعلاج في الخارج.
وبسبب هذا المنع توفي أكثر من 1000 طفل ومريض وجريح خلال 100 يوم، فيما يهدد الموت حياة البقية؛ بسبب سياسة الاحتلال غير الإنسانية وغير الأخلاقية بمنعهم من السفر لتلقي العلاج.
ومنذ السابع من أكتوبر يشن الاحتلال حربا غير مسبوقة على غزة خلفت قرابة 40 ألف شهيد وأكثر من 92 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، وقرابة 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
المصدر: سند