قطاع غزة.. فتاة تستعيد بصرها بـ “قرنية شهيد”
شهيدٌ في قطاع غزة، تُعيد عينُه نور الحياة لفتاة أفقدتها الحرب البصر، في حَدث اتسم بالخير والعطاء، رغم مصاب الفقد وحُرقة الوداع.
الشهيد عُمر القطشان (23 عاماً)، أحد شهداء قطاع غزة، والذي ارتقى إثر غارة استهدفت منطقة الزوايدة وسط القطاع في أكتوبر/ تشرين أول 2024؛ إلا أن حُب الخير والتكاتف ألهَم والده السيد محمد “أبو خالد” التبرع بقرنيته لفتاة أفقدتها الصواريخ البصر.
وعن تفاصيل القصة، يقول محمد القيشان “أبو خالد” لـ “وكالة سند للأنباء” إن طبيب العيون أخبره حال استشهاد نجله بوجود فتاة تُدعى شمس عويضة، تعيش على أمل التبرع بقرنية، عارضاً عليه التبرع بقرنية ابنه “عمر”.
ولبرهة من الوقت صمت “أبو خالد” قبل أن يعطي رداً بقبوله التبرع بقرنية نجله “عمر” لإعادة نور الحياة لفتاة في مقتبل العمر، محدثاً نفسه: “قلت هيك هيك غير أدفن ابني، فلتكن قرنيته صدقة جارية”.
“كان معطاءً يحب الخبر”..
ويُعزي “أبو خالد” نفسه: “لو كان عمر على قيد الحياة لم يكن ليرفض، فهو حافظٌ لكتاب الله، وشابٌ معطاء يحب الخير”.
ويتابع، أنه بعد اتخاذ القرار الذي لم يكن بينه وبين الاستشهاد إلا ساعة فقط، توجه إلى ثلاجة الموتى مجهزاً نجله الشهيد لغرفة العمليات، ونظراً لعدم توفر مواد حفظ القرنية نتيجة حصار قطاع غزة، فقد تم استئصال العين بالكامل.
“الابن غالي كثير”، ورغم محبة عمر المتجذرة في قلب والده، إلا أن القرار الأول من أبيه كان “لا يمكن أرُد الطبيب عندما أتاني وإلا لم أكن لأسامح نفسي”.
“المفروض ما نترك بعض، نتمسك بالخير قدر المستطاع لرفع الظلم والأذى”، وفي رسالة له ينادي “أبو خالد” بضرورة التوحد والتمسك والمضي في طريق الخير، والتعامل برفق وحنان مع الآخرين.
وعن شعوره بعد رؤيته الفتاة المُتبرَع لها بعين نجله، يجيب أبو خالد بدموع عينيه: “تمنيت أن تنجح هذه العملية، وأن تُستنار حياة هذه الفتاة وتستمر البنت في قراءة القرآن وتدعو لعمر”.
“مَن أحياها”..
وفي سبتمبر/ أيلول 2022 أطلقت وزارة الصحة في قطاع غزة حملة إنسانية ووطنية تحت وسم “ومن أحياها”، تقوم على تبرع المواطنين بعد الوفاة بقرنيات عيونهم؛ لمنح النور لعدد كبير من مرضى العيون في غزة الذين يحتاجون لزراعة قرنية ولا يجدون فرصة في الحصول عليها من الخارج.
وتأتي المبادرة الوطنية في ظل وجود عدد كبير من مرضى العيون في غزة الذين يحتاجون إلى زراعة قرنيات، حيث يتم تحويل أكثر من 300 حالة مرضية سنوياً للعلاج في الخارج.
وترى “الصحة” أن هذا العدد يستنزف منها مبالغ مالية كبيرة؛ ما ألجأها لإطلاق الحملة الوطنية والتي تهدف أيضاً لتعزيز ثقافة التبرع بالقرنيات بعد الوفاة بتوصية التبرع كصدقة جارية.
وشهدت الحملة الوطنية تفاعلا واسعا من المواطنين، حيث شجعت عدداً كبيراً أوصوا بالتبرع بعد أن يفارقوا الحياة، في تشجيع على هذه الخطوة الإنسانية التي يعيدون من خلالها الحياة لآلاف المرضى.
والقرنية هي الجزء الخارجي المرئي من العين، والذي يحمي أجزاء العين المختلفة من العوامل الخارجية من رياح وغبار وغيرها.
وتأتي إصابات القرنية لسببين، أولها العامل الوراثي حيث يلد بقرنية مخروطية رقيقة، والثاني هو تعرض العين لإصابات مباشرة، وجميع العوامل تؤدي إلى ضعف في البصر، وهنا يحتاج المريض إلى زراعة قرنية كي يستعيد بصره بشكل شبه طبيعي.
المصدر: سند