
ضيّقت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ على أحمد مناصرة حتى آخر لحظاته في السّجن، فأطلقت سراحه اليوم الخميس، في مكان غير الذي كانت عائلته تنتظره فيه، كما منعت عائلته من إقامة أيّ مظاهر لاستقباله، بعد تسع سنوات ونصف دخل فيها السّجن طفلًا، وخرج منه شابًا.
وقال المحامي خالد زبارقة إنّ شرطة الاحتلال استدعت والد أحمد إلى سجن المسكوبية في القدس، وأبلغته بوجود قرار بمنع أي مظهر من مظاهر الاحتفال والفرح بالإفراج عن ابنه، ومنعتهم من تقديم حلويات، أو استقبال أيّ مهنّئين، أو إطلاق المفرقعات، أوّ أيٍ من مظاهر الفرح بالحريّة.
وفيما يتعلّق بتفاصيل الإفراج عن أحمد مناصر، قال زبارقة، إن شرطة الاحتلال تلاعبت بالعائلة التي كانت تنتظر ابنها أمام سجن نفحة، ولكن جرى نقل أحمد إلى مدينة بئر السبع وإخلاء سبيله هناك، رغم وضعه الصّحي الصّعب، حتى تعرّف عليه أحد الأشخاص هناك واتّصل بعائلته، التّي توجّهت للقائه فورًا.
وأضاف المحامي زبارقة، أن أحمد مناصرة كان في حالة صعبة قبل الحرب، وتعرّض لانتكاسات صحية عديدة، ومع ظروف السجون على الأسرى خلال الحرب زادت حالته صعوبة.
ونفى زبارقة، ما أشيع عن وجود قرار بالحبس المنزليّ، وغرامة مالية بحق مناصرة، قائلًا إن شرطة الاحتلال استدعت العائلة مجددًا إلى المسكوبية اليوم، والصور التي ظهرت له مع والده أمام سجن المسكوبية في القدس، بعد أنّ جددت شرطة الاحتلال استدعاءهم للتحقيق.
وأحمد مناصرة من مواليد كانون ثان/ يناير 2002، وهو من عائلة مكوّنة من عشرة أفراد، له شقيقان، وخمس شقيقات، وكان إلى يوم اعتقاله، طالبًا في مدرسة “الجيل الجديد” في القدس، بالصف الثامن.
واعتقلت شرطة الاحتلال أحمد مناصرة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015 وعمره آنذاك 13 عامًا بزعم تنفيذ عملية طعن بمستوطنة “بسغات زئيف” شمال القدس، وحكمت عليه بالسجن 12 سنة، فيما استشهد ابن عمه حسن مناصرة برصاص عناصر الاحتلال حينها. وقد تعرّض في ذلك اليوم لتنكيل المستوطنين، الذين نشروا مشاهد قاسية له بينما كان ملقى على الأرض ويصرخ وهو ومصاب، ويحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به.
وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرضه لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ حتّى خلال تلقيه العلاج في المستشفى، ونتيجة ذلك أصيب بكسر في الجمجمة، وأعراض صحية خطيرة.
ولاحًقا أصدرت محكمة الاحتلال بعد عدة جلسات حُكمًا بالسّجن الفعلي بحقّ أحمد لمدة 12 سنة وتعويض بقيمة 180 ألف شيقل، جرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف عام 2017.
وقبل نقله إلى السجون احتجزته سلطات الاحتلال مدة عامين في مؤسسة خاصّة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ولاحقًا نقل إلى السجن بعد أن تجاوز عمر الـ14 سنة.
وقد عُقدت للأسير أحمد مناصرة خلال سنوات اعتقاله عدة جلسات محاكم، وكانت أبرز هذه الجلسات المتعلقة بتصنيف ملفه “كملف إرهاب”، الأمر الذي عرقل سبل الإفراج المبكر عنه، بالإضافة إلى إن إدارة السجون قامت بعزله انفراديًا لعدة سنوات، رغم وضعه الصحيّ والنفسيّ الخطير.
وقال نادي الأسير إنّه وبعد الإفراج عن الأسير أحمد مناصره الذي واجه العزل الانفرادي لسنوات، وكان العامل الأساس في تفاقم وضعه الجسدي والنفسي إلى جانب جريمة التعذيب، ما يزال عشرات الأسرى يواجهون جريمة العزل الانفرادي إلى جانب العزل الجماعي الذي تضاعف بشكل غير مسبوق منذ بدء الإبادة الجماعية.
وأشار إلى أنّ عمليات العزل من أخطر السياسات التي تمارسها منظومة السجون بحق الأسرى، بهدف استهدافهم جسديًا ونفسيًا، عدا عن استخدام العزل الإنفرادي أداة عقاب.
ولاحقًا، قال نادي الأسير في بيان منفصل إنّ عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى بداية نيسان/ ابريل أكثر من 9900، منهم 3500 في الاعتقال الإداري (بلا تهمة)، و400 طفل على الأقل، و27 أسيرة.
وأشار إلى أنّ عدد من صنّفتهم إدارة سجون الاحتلال من معتقلي غزة (مقاتلون غير شرعيين) بلغ 1747، وهو رقم لا يشمل كافة معتقلي غزة وتحديدًا من هم في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد الأسرى في السجون قبل الإبادة، كان أكثر من 5250، وعدد الأسيرات 40، فيما بلغ عدد الأطفال في السجون 170، وعدد الإداريين نحو 1320.
المصدر: الترا فلسطين