الأخبار

ترجمة.. خطة ترامب بشأن غزة توقف القتل لكن دون شروط حياة مستدامة

هاجم موقع “ذا إنترسبت الأمريكي، خطة الرئيس دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا أنها تُقصي الفلسطينيين وتُقنّن الهيمنة تحت وصاية دولية مُفصّلة على المقاس بما يخدم المصالح الإسرائيلية فقط.

وأشار الموقع إلى أنه بينما تُسوَّق خطة ترامب المكوّنة من 20 بندًا باعتبارها “فرصة تاريخية” لوقف النار في غزة وفتح مسار إعادة إعمار سريع، تكشف القراءة الدقيقة لبنائها المؤسسي والسياسي أنها تُعيد إنتاج مبدأ قديم بثوبٍ جديد: إدارة غزة من الخارج، ونزع وكالة أصحاب الأرض عن تقرير مستقبلهم.

وأبرز الموقع أن جوهر الخطة ليس إنهاءً لأسباب الحرب، بل ترسيخٌ للوضع القائم بعناوين محسّنة—هدنة قابلة للانهيار، وإغاثة ممسوكة سياسيًا، واقتصاد “تعافٍ” مشروط، ووصاية أمنية متعدّدة الأطراف تمنح إسرائيل هامشًا واسعًا للمناورة

وقف نار بلا ضوابط مُلزِمة

تربط الخطة الانسحاب الإسرائيلي بـ“معايير وجداول زمنية” تُحدَّد لاحقًا. هذه الصياغة المراوِغة تُحوّل الانسحاب إلى أداة ضغط تفاوضي مفتوحة، وتُبقي زمام المبادرة في يد الطرف الأقوى ميدانيًا.

فمن دون آلية مراقبة مستقلة وشفافة، وقواعد تحقيق فورية في الخروقات، يتحول وقف النار إلى هدنة هشة تُستأنف خلالها عمليات القضم والاقتحام تحت ذرائع أمنية.

وتُنصّب الخطة مجلسًا بقيادة ترامب يشرف على “التنفيذ” ويُعِدّ “خطة تنمية اقتصادية”، مع توزيع أدوار على لجنة خبراء غير مُسمّاة و“لجنة فلسطينية تكنوقراطية” تتولى خدمات البلديات.

بهذه الهندسة، تُرفع ملفات السيادة والأمن والحدود والموارد إلى طبقة قرار خارجية، بينما تُترك للفلسطينيين إدارة الشؤون اليومية بلا صلاحيات تقريرية. النتيجة: بيروقراطية وصاية تمنح المتدخلين حق الفيتو على أي مسار سياسي فعلي.

مشروطية سياسية تُغلق الطريق إلى العدالة

تشترط الخطة “إصلاحات” تُعيد تدوير معادلة “الأمن أولًا ثم السياسة”، وتدفع نحو تقويض أدوات التقاضي الدولية عبر اشتراط التخلي عن الدعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

بذلك، تُحوَّل العدالة إلى بند تفاوضي قابل للمساومة، ويُستبعد المسار الحقوقي الذي يُفترض أن يُشكّل ضمانة عدم تكرار الانتهاكات.

في هذه الأثناء يرتكز الشق الاقتصادي على سردية “إنعاش سريع” يقوده مجلس الوصاية وشركاؤه الاستشاريون والماليون. لكن غياب معايير حوكمة صارمة، وعدم وضع سقف زمني واضح لرفع القيود على الحركة والتجارة وإعادة ربط غزة باقتصادها الطبيعي، يجعل “التنمية” رهينة تصاريح ومعابر واشتراطات أمنية.

عمليًا، يتحول الإعمار إلى أداة نفوذ: من يمتثل سياسيًا يحصل على التمويل والمواد والمشاريع، ومن يعارض يُعاقَب بالتأخير والتجفيف.

نزع أحادي للسلاح… بلا معالجة لمعادلة القوة

تطالب الخطة بنزع سلاح المقاومة في غزة، بينما تترك السؤال الجوهري بلا إجابة: ما الضمانات الملزمة لوقف القوة المُميتة التي وُجِّهت لسنوات ضد المدنيين والبنية الأساسية؟ ومن يُحاسَب على الانتهاكات الجسيمة التي وثّقتها منظمات دولية؟.

وأكد الموقع أن تجاهل هذا التوازن يُنتج معادلة أمنية مختلة: طرف منزوع السلاح تحت رقابة خارجية، في مواجهة طرف يحتفظ بأدوات السيطرة وبشبكة تحالفات عسكرية واسعة.

بموازاة ذلك تستدعي الخطة دورًا محتملًا لسلطة فلسطينية “بعد الإصلاح”، مع إبقاء معايير هذا الإصلاح غامضة ومرتبطة عمليًا بالامتثال السياسي.

وهذا يعيد تجربة “الحكم بالوكالة” التي نقلت عبء الإدارة إلى طرف محلي محدود الصلاحيات تحت سقف الاحتلال، من دون أن تُعالج جذور الأزمة: السيادة والحدود والموارد وحرية الحركة ولمّ الشمل واللاجئين.

وعلى امتداد بنودها، تُقصي الخطة الفلسطينيين عن طاولة رسم قواعد اللعبة. لا تفويضًا شعبيًا لمسارات القرار، ولا جدولًا زمنيا لانتخابات تمثيلية نزيهة، ولا ضمانات لمشاركة المجتمع المدني والنقابات والجامعات والبلديات في تحديد أولويات الإعمار. “التكنوقراط” هنا عنوان لإدارة خدمات بلا سياسة، فيما السياسة الحقيقية تُحسم في غرف مغلقة.

مخاطر جسيمة

عدد موقع “ذا إنترسبت  المخاطر العملية إذا مُرِّرت خطة ترامب كما هي:

تثبيت هدنة متقطعة قابلة للاشتعال في كل أزمة.

تحويل الإعمار إلى رافعة ابتزاز سياسي واقتصادي.

توسيع سوق الظلّ والتهريب بفعل القيود وتجزئة الصلاحيات.

إضعاف مسارات العدالة الانتقالية، وترسيخ الإفلات من العقاب.

إطالة أمد “اللا-حلّ” عبر وصاية أمنية مرنة الشكل، صلبة الجوهر.

ما الذي يتطلبه مسار جادّ؟

وقف نار مُلزِم بآلية مراقبة مستقلة وصلاحيات تحقيق علنية.

مسار محاسبة متعدد المستويات: تعاون قضائي دولي، وتمكين الضحايا، وربط المساعدات بمعايير حقوق الإنسان.

تفويض فلسطيني تمثيلي: جدول زمني لانتخابات حرة، ومشاركة مؤسسية للمجتمع المحلي في تحديد أولويات الإعمار والحوكمة.

تحرير الاقتصاد من القيود البنيوية: فتح المعابر وفق اتفاقات مُعلَنة، وخطة ربط كهربائي ومائي واتصالات، وضمان حرية الحركة للعمال والمرضى والطلاب.

توازن أمني قانوني: أي ترتيبات أمنية تُخضع الجميع لقواعد اشتباك واضحة ومساءلة قضائية، وتمنع تحويل غزة إلى ساحة وصاية دائمة.

وخلص الموقع إلى أن خطة ترامب تُقدّم “وقفًا للموت” من دون شروط حياة مستدامة، و“سلامًا إداريًا” بلا سيادة، و“إعمارًا” بلا عدالة.

وشدد على أن أي تسوية تُقصي الفلسطيني عن تقرير مصيره وتُعفي الفاعلين من المحاسبة ليست حلًا، بل إدارة طويلة لأمد الأزمة. الطريق الوحيد القابل للاستمرار يبدأ من الاعتراف بالوكالة السياسية للفلسطينيين، وربط الأمن بالحق والقانون، والإعمار بالحرية لا بالوصاية.

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض