الأخبار

بعد 30 عامًا من العمل المقاوم.. أبو عبيدة يعلن استشهاد محمد الضيف قائد هيئة أركان كتائب القسام

أعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس”، أبو عبيدة، مساء اليوم الخميس، استشهاد القائد العام لهيئة أركان القسام محمد الضيف (60 عامًا)  ونائبه مروان عيسى “أبو البراء” خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

وأشار أبو عبيدة إلى استشهاد نخبة من القادة العسكريين البارزين في كتائب القسام، منهم غازي أبو طماعة “أبو موسى” قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، رائد ثابت قائد ركن القوى البشرية، رافع سلامة “أبو محمد” قائد لواء خانيونس، أحمد الغندور “أبو أنس” قائد لواء الشمال، وأيمن نوفل “أبو أحمد” قائد لواء الوسطى.

واستشهد قادة “كتائب القسام” في وقت سابق جراء القصف العنيف على قطاع غزة، خلال العدوان المستمر الذي استهدف المدينة قبل توقف العمليات العسكرية في 19 يناير/كانون الثاني الجاري.

وأوضح “أبو عبيدة” في كلمةٍ مصوّرة، أن منظومة القسام لم تشهد فراغًا قياديًا ولو لساعة واحدة، مشددًا أن استشهاد القادة زاد من بسالة المجاهدين ودافعيتهم للقتال، واستمدوا القوة من عقيدتهم الراسخة، حيث “القائد يخلفه ألف قائد”.

وأكد “أبو عبيدة” أن القادة العظماء الذين ارتقوا في معركة “طوفان الأقصى” استشهدوا مقبلين غير مدبرين، في ساحات الشرف والبطولة، سواء داخل غرف العمليات، في الاشتباكات المباشرة مع قوات العدو، أو أثناء تفقد صفوف المجاهدين وتنظيم سير المعركة.

وشدد أن هؤلاء القادة الكبار حققوا مرادهم بالشهادة التي طالما كانت غاية أمنياتهم، ليختتموا حياتهم الحافلة بالتضحية في سبيل الله، والدفاع عن الوطن والمقدسات، مُضيفًا أنهم بدمائهم الزكية أعلنوا أن حياتهم ليست أغلى من حياة أي طفل فلسطيني، فصدقوا العهد مع الله ومع شعبهم.

وأشار “أبو عبيدة” إلى أن هذه الكوكبة من القادة ارتقوا دفاعًا عن أقدس قضية على وجه الأرض، في أعظم معركة عرفها شعبنا، مشددًا أنهم انتصروا حين ألهموا ملايين الفلسطينيين وأبناء الأمة لمواصلة حمل الراية، قبل أن يسلموها لرفاق دربهم من القادة الأشداء الذين لا يعرفون الانكسار بقوة الله.

وبين “أبو عبيدة” أن القادة الأبطال المجاهدون الشهداء مضوا بعد حياة مليئة بالتضحيات والجهاد، حيث خاضوا معارك بطولية لا تُنسى، كانت مسيرتهم حافلة بالشجاعة والصبر، سطروا خلالها أروع ملاحم البطولة، فكل لحظة من حياتهم كانت بمثابة مثال حي للثبات على المبادئ والحق.

وأوضح “أبو عبيدة” أن ما من قائد يُشرف تاريخنا بذكره إلا وترك بصمته في مواجهة العدو، كيف لا يكون قائدنا محمد الضيف، الذي أرهق العدو لأكثر من 30 عامًا، أحد هؤلاء القادة؟ من غير المعقول أن يُذكر اسمه في التاريخ دون أن يُمنح الوسام الأسمى، وسام الشهادة في سبيل الله، الذي يليق بمسيرته الجهادية العظيمة.

وعن مروان عيسى، قال “أبو عبيدة”، “عقل القسام وركنه الثابت، كيف له أن ينهي حياته على فراش المرض؟ لم يكن ذلك ليحصل، فمروان عيسى كان على الدوام عنوانًا للبطولة والفداء، ولم يكن يومًا ليبتعد عن ميدان المعركة، أما حكيم المجاهدين أبو موسى ورائد ثابت، فهما مثال حي للرجال الذين لا يترددون في تقديم أرواحهم فداءً للمقدسات، وأخصها الأقصى.

وأضاف “أبو عبيدة” كيف لقادة ألويتنا الأبطال، الذين غرسوا الخنجر المسموم في قلب العدو في طوفان الأقصى، أن يتراجعوا أو يتخاذلوا؟ هؤلاء القادة الذين تقدموا صفوف المجاهدين بكل شجاعة وثبات، وضحوا بكل شيء من أجل تحرير الأرض والمقدسات. فبهم انتصرنا، وبهم ربح البيع، كما يقول المثل في ميدان الجهاد.

مهندس 7 أكتوبر..

ويُعد القائد محمد الضيف المخطط الأول لمعركة طوفان الأقصى، حيث كان له دور محوري في وضع الخطط وتنظيم العمليات العسكرية التي قلبت موازين المعركة. بذكائه وحكمته، استطاع أن يُعد العدة لهذه المعركة الكبيرة، ويعدُّ من أبرز العقول المدبرة التي ساهمت في تطوير القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، حيث قاد العديد من العمليات النوعية ضد الاحتلال.

وُلِد محمد الضيف في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة فلسطينية هُجرت من قريتها “القبيبة” في قضاء المجدل الذي يُعرف اليوم بالأراضي المحتلة، ونشأ في بيئة فقيرة، حيث واجهت عائلته معاناة يومية بسبب الاحتلال، مما جعل من معاناته الشخصية نقطة انطلاق لفهمه العميق للقضية الفلسطينية.

ودخل محمد الضيف جامعة الإسلامية في غزة لدراسة العلوم، لكن سرعان ما اختار أن يلتحق بحركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، وكان من بين الأوائل الذين انضموا إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، حيث بدأ يتقلب في صفوف العمل المقاوم ويثبت مكانته بفضل قدراته العسكرية العالية وإبداعه في التخطيط والتنفيذ.

إسهاماته العسكرية وتطوير المقاومة

منذ انضمامه لكتائب القسام، كان محمد الضيف محوريًا في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، حيث تولى مهمة مهمة في بناء وتنمية الصناعات العسكرية المحلية.

وساهم بشكل كبير في تصنيع الصواريخ ذات المدى الطويل، التي أصبحت سلاحًا استراتيجيًا في مواجهة الاحتلال، كما كان له دور أساسي في إنشاء الأنفاق القتالية، التي استخدمتها المقاومة في العديد من العمليات الهجومية ضد القوات الإسرائيلية.

أبرز معالم إنجازاته العسكرية:

إعادة تطوير وتوسيع قدرات الصواريخ الفلسطينية لتطال العمق الإسرائيلي.

قيادة العمليات التي استخدمت الأنفاق كوسيلة فعالة لمباغتة الاحتلال.

تنفيذ عمليات نوعية في التسعينيات كانت بمثابة تحدي حقيقي للجيش الإسرائيلي.

القيادة الفعالة للمقاومة خلال الحروب الكبرى على قطاع غزة في السنوات (2008، 2012، 2014، 2021، 2023)، حيث كان الضيف يمثل رمزًا من رموز الصمود والمقاومة.

محاولات اغتياله:

تعرض محمد الضيف لأكثر من خمس محاولات اغتيال من قبل الاحتلال، إلا أنه نجا منها جميعًا، مما أضاف إلى شخصيته غموضًا وأسطورية في الوعي الفلسطيني والعربي.

ورغم الإصابات البالغة التي تعرض لها في إحدى المحاولات، والتي أدت إلى تقارير غير مؤكدة حول فقدان أحد أطرافه أو إصابته بإعاقات دائمة، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة قيادته لكتائب القسام.

وتعد شخصية محمد الضيف واحدة من أكثر الشخصيات الفلسطينية غموضًا. لم يظهر الضيف علنًا منذ سنوات طويلة، وتقتصر صوره في وسائل الإعلام على الصور القديمة فقط، لا توجد معلومات دقيقة حول مكان تواجده أو تحركاته، مما أكسبه لقب “الشبح”، حيث اختفى تمامًا عن أنظار الاحتلال وأجهزته الاستخباراتية.

استشهاده وإرثه المقاوم

في 30 يناير 2025، أعلنت كتائب القسام عن استشهاد محمد الضيف مع عدد من القادة العسكريين في المقاومة، في ضربة قاسية للمقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، أكدت الكتائب أن المقاومة ستستمر على نفس الدرب، ولن يتوقف النضال حتى تحرير فلسطين.

زر الذهاب إلى الأعلى
تلفزيون المدينة

مجانى
عرض