الكتل الطلابية تستعد لخوض انتخابات مجلس الطلبة في جامعة “النجاح”
بعد خمس سنوات من الانقطاع، تستعد الكتل الطلابية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس؛ لإجراء انتخابات مجلس اتحاد الطلبة، وسط أجواء تنافسية وترقب لمجرى الانتخابات في الجامعة التي تعد من كبرى الجامعات.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل 16 أيار/ مايو الجاري، في ظل تنافس بين الكتل الطلابية، لا سيما بين الكتلتين الأكبر في الجامعة: “حركة الشبيبة” الإطار الطلابي لحركة “فتح”، و”الكتلة الإسلامية” الإطار الطلابي لحركة “حماس”.
وجرت آخر انتخابات لمجلس اتحاد الطلبة في جامعة النجاح عام 2017، حصلت حينها حركة “الشبيبة” على 41 مقعدًا، و”الكتلة الإسلامية” على 34 مقعدًا من مقاعد المجلس البالغ عددها 81، بنسبة تصويت بلغت حينها 58.9%.
وتتجه الأنظار لانتخابات “النجاح” التي كان لها دور بارز في ساحة العمل النضالي وتحريك وقيادة الشارع الفلسطيني خلال العقود الماضية، حيث خرّجت الجامعة كوكبة من قادة الفصائل الفلسطينية، إضافة لشهداء ساهموا في مقارعة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، إلى جانب مئات الأسرى في السجون.
ويبلغ عدد طلبة الجامعة حاليًا نحو 24 ألفًا و500 طالب وطالبة من مختلف مدن الضفة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل، موزعين على 11 كلية في أجزاء الحرم الجامعي المختلفة.
الناطق الإعلامي باسم لجنة الإشراف على انتخابات مجلس الطلبة في الجامعة خالد مفلح، يشير إلى أنّ اللجنة أنهت توزيع الطلبة على مداخل الكليات المختلفة في 16 موقعًا، حيث سيتم الإقتراع في 70 صندوقًا موزعين على تلك المواقع.
ويوضح “مفلح” في حديثه، أن الدعاية الانتخابية الصامتة للكتل المشاركة ستكون اليوم الأحد، يليها المهرجان الانتخابي للكتل غدًا الاثنين، حيث تعطى كل كتلة 30 دقيقة لمهرجانها الانتخابي.
ويشير “مفلح” إلى أن عملية فرز الأصوات وإعلان نتائج الانتخابات سينقل في بث حي ومباشر من قبل مركز إعلام النجاح.
وفي تعقيبه على الانقطاع عن إجراء الانتخابات منذ خمس سنوات في الجامعة، يقول: “تحرص الجامعة على إجراء الانتخابات كونها حق للطلاب، لكن جائحة كورونا واستمرار التعليم الالكتروني لعامين، تبعها أحداث مدينة نابلس وفرض الحصار عليها كان سببًا في تأجيل الانتخابات”.
وكانت الكتل الطلابية في الجامعة قد وقعّت على ميثاق الشرف الخاص بسير العملية الانتخابية في الجامعة، باستثناء “الكتلة الإسلامية” التي رفضت التوقيع بسبب ما وصفته “خرق” عمادة شؤون الطلبة لقانون الصمت الإنتخابي الذي يبدأ منذ 4 أيار/ مايو الجاري، وفق بيان سابق لها.
وذكرت “الكتلة الإسلامية” في بيانها، أن “عمادة شؤون الطلبة قررت خرق الصمت الانتخابي ومنح حركة الشبيبة الطلابية فرصة دعاية انتخابية مبكرة عبر تنظيم حفلات التخرج في الأسبوع الذي يسبق الانتخابات مباشرة، على الرغم من أنها فترة صمت انتخابي بنص الدستور”.
وفي إطار رده على ذلك، يقول “مفلح”: “وفق المادة رقم 11 من دستور مجلس الطلبة، لا يوجد أي مانع لدى لجنة الانتخابات من عقد أنشطة انتخابية في الأسبوع الذي يسبق الانتخابات، لذلك فلا يوجد أي مشكلة بأن تقوم الكتل الطلابية بأي نشاط خاص بها”.
ويتابع: “بسبب تأجيل الانتخابات للفصل الثاني، فإن هناك أنشطة طلابية خلال الفصل، بالتالي فإن الانتخابات هي التي طرأت على مجرى الفصل الثاني الذي تتخلله فعاليات وأنشطة طلابية مختلفة من بينها حفلات التخرج”.
وشهدت الجامعة الأسبوع الماضي زخمًا في الفعاليات والأنشطة الطلابية لكل الكتل الطلابية، وفق “مفلح”.
وأعلنت لجنة الإشراف على الانتخابات، أن أربع كتل تقدمت بالترشح، وهي: كتلة تحالف القطب الديمقراطي التي تضم تحالف ثلاثه كتل (كتلة اتحاد الطلبة التقدمية، وكتلة القطب الديمقراطي، وكتلة نضال الطلبة)، إضافة لكتلة جبهة العمل الطلابي “قائمه الشهيد أبو علي مصطفى”، وحركة الشبيبة الطلابية (كتلة الشهداء)، والكتلة الإسلامية (كتلة فلسطين المسلمة).
من جانبه، يقول ممثل الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح حسام اشتية، إن انقطاع الانتخابات انعكس بشكل كبير على الطلاب، وخلق فجوة كبيرة بين الطلاب والأطر الطلابية.
ويضيف “اشتية”: “نحن ككتلة إسلامية ومنافسة على مجلس الطلبة، كنا دائما مع إجراء الانتخابات، وكل فصل كان مطلبنا الرئيسي إجراء الانتخابات بشكل دوري كونه حق طلابي”.
ويردف: “على مدار خمس سنوات، تفرّدت حركة الشبيبة الطلابية بمجلس الطلبة في الجامعة دون أن يختار الطلبة من يمثلهم، حيث أجريت آخر انتخابات للطلاب عام 2017، ما يعني أن طلاب الجامعة الحاليين لم يخوضوا تجربة انتخابات مجلس الطلبة مطلقًا”.
ترتب على ذلك، وفقا لضيفنا، “عدم امتلاك شريحة واسعة من الطلاب الدراية الكافية بأهمية صوتهم بالانتخابات ومدى تأثيره”.
ويتطرق “اشتية”، للأحداث التي شهدتها الجامعة خلال الفصل الأول، من اعتداء أمن الجامعة على ممثل الكتلة حينها، وما تبعها من ظهور “الحراك الطلابي والموحّد”، الذي تمكن من توحيد الطلبة خلف مطالب موحدة بإقالة رئيس أمن الجامعة وعناصره الذين اعتدوا على الطلبة والطالبات بالضرب المبرح.
ويستطرد: “عقب تلك الأحداث، أثبت الطلبة أنهم قادرون على التغيير بعد أن نُفِذت مطالبهم، وتمت إقالة رئيس أمن الجامعة الذي كان متنفذًا في الجامعة، وهو ما قد يشير لإمكانية مشاركة الطلبة بالانتخابات ورغبتهم بالتغيير، حينها شعروا بقوتهم، واقتنعوا بضرورة وجود من يمثلهم، لكن بعيدًا عن المصالح السياسية الشخصية”.
وعن استعدادات الكتلة للانتخابات يوضح “اشتية”: “نحن مع إجراء الانتخابات بشكل عادل ونزيه، ولكن نواجه مشكلة مع الإدارة بأنها تفرض أمورًا غير موجودة بالدستور، والتي من شأنها أن تحقق مصالح لكتلة على حساب الكتل الأخرى (…)، لكننا مصرون على الدخول للانتخابات بشكل عادل ونزيه”.
ويذكر انه تمت المحاوله للتواصل مع ممثلي حركة الشبيبة الطلابية، إلا أنها لم تتلق ردًا على مدار عدة أيام.
بدوره، يرى الباحث والمحلل السياسي سليمان بشارات، أن الانتخابات الجامعية هي “المدخل الأساس لتعزيز فكر دمقرطة المجتمع، والمساهمة في بناء مفهوم الشراكة”.
ويذكر أن الانتخابات الطلابية في جامعة النجاح، تمثل مرتكزا مهما لاعتبارات عدة؛ أولها لرمزية الجامعة في تاريخ الحالة الوطنية الفلسطينية، وثانيا باعتبارها أكبر الجامعات في الضفة الغربية.
ويتابع: “الرمزية النضالية والوطنية لانتخابات جامعة النجاح تنبع من محددات عدة، تتمثل في اعتبارها مقياسا للمزاج الشعبي من جانب، ومقياسا للحضور الفصائلي من جانب آخر، باعتبار الكتل الطلابية الامتداد الفكري للتنظيمات الفلسطينية، سيما في ظل حالة التنافسية أو التجاذبية السياسية”.
وعبر المحطات الرئيسية للنضال الفلسطيني سيما الانتفاضة الأولى والثانية، شكلت جامعة النجاح عمقا مهما في تخريج القيادات على مستوى العملي السياسي بشقيه المقاوم والسياسي، وهذا جعلها محط أنظار الجميع، تبعًا لـ “بشارات”.
ويزيد: “إضافة لذلك، فهي محل مخاوف الاحتلال الاسرائيلي الذي حاول بشتى الطرق إضعافها أو التأثير عليها بممارسات الحصار والاعتقال واستهداف الطلبة”.
ويوضح، أن الانتخابات المقبلة ستكون محل اهتمام ومتابعة أيضا لقياس ميزان حرية العمل الطلابي، سواء داخل أسوار الجامعة أو خارجها، ومدى حماية هذا الحق من قبل الجهات المختلفة، كما أنها امتحان لإدارة الجامعة نفسها في تعزيز هذه التجربة بعد العديد من الانعطافات التي مرت بها”.