السمّاق.. حشيشة الدباغين ورفيق الزعتر والمسخن
يقبل المواطنون في فلسطين وغيرها من الدول العربية، على شراء السمّاق البلدي من المزارعين المختصين بزراعته، لئلا يقعوا في شراك السمّاق المُصنّع والمغشوش، والذي لا يمتّ بصلة لهذه العشبة الفريدة بلونها وطعمها وفوائدها.
ويعمد بعض التجّار إلى الغشّ عبر خلط فُتات الخشب مع الخل والزيت، أوإضافة الصبغة الحمراء وبيعه للمواطن على أنه “سماق بلدي”.
والسمّاق هي شجرة مُعمّرة كثيفة الأوراق والظل، ومتوسطة الحجم، وتنمو في الجبال والأماكن الوعرة، وقد يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار، بحسب خصوبة الأرض، وتشتهر بها مناطق نابلس و سلفيت.
وهذه الشجرة قليلة التفرّع وأغصانها كثيفة متناوبة مركبة، ريشية الشكل، متدلية، وبيضاوية مُسننة الحافة حادة الأطراف، تشبه ثمارها في شكلها عناقيد العنب، وبداخلها حبّ صغير قاسٍ جداً.
وفي موسم القطاف، يُقطف عنقود السمّاق ويُطحن ويُرمى الجزء القاسي منه، ويُستعمل ما تبقى منه كأحد أنواع التوابل، وكبديل عن الليمون، ويُضاف إلى السلطات فيمنحها اللون الخمري، وينثر فوق الأرز المطبوخ، كنوع من الزينة، ويُخلط مع الكباب، و”تتبل” به اللحمة على أنواعها.
ويعتبر من المواد الأساسية التي تضاف إلى الزعتر، وقد يُستخدم طازجاً أو مجففاً مع بعض المأكولات، مثل الحمص والباذنجان “المتبل”.
كيف يصنّع السمّاق؟
وهناك نوعان من السمّاق البلدي، وهما السماق الدبوقي والجندلي، أما الجندلي فيميل لونه للأبيض، بينما يميل لون السماق الدبوقي للأحمر، كما ويتميز السماق الجندلي بأنه أشد حموضة وله نكهة أعمق، وهذه المعلومات لا يعرفها كثيرون، وتقتصر معرفتها على من يزرعون شجيرات السمّاق.
أما عن تصنيعه، فيبدأ بعد أن تتحول الثمار إلى اللون البني، ويتم قطفها، وبعد ذلك تتم عملية تنقيتها من الورق، وتنشيفها تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع، ثم تفرك الثمار في وعاء يسمى “الكربال”، وهو عبارة عن وعاء دائري يحيطه إطار خشبي، ويحتوي على شبك مثقوب توضع الثمار بداخله، حتى تفصل الأغصان عن الثمار نفسها.
ويعاد تنشيفه بعد ذلك لمدة أسبوع آخر، ويُنقّى من جديد باستخدام “الغربال”، وهو وعاء يقوم بعمل “الكربال” إلا أن شباكه أصغر وأدق، ويستخدم لفصل الزهور الصغيرة عن الثمار.
وبذلك تُصبح ثمار السمّاق جاهزة للمرحلة الأخيرة وهي الطحن والتغليف والبيع حيث يصل سعر الكيلوغرام منه في الوقت الحالي إلى حوالي 30 دولاراً.
وتعتمد الكثير من الأكلات الفلسطينية الأصيلة عليه، مثل المسخن الذي يزين برشة سمّاق، والسمّاقية الغزاوية، التي تعتمد بشكل كامل على السمّاق.
إلى جانب استخدامه في الطعام، يستعمل السمّاق في الطب الشعبي، ويستعمل لدبغ الجلود نظرًا لقوة لونه، حتى بات يطلق عليه لقب “حشيشة الدباغين”.
ويستخدم السمّاق كنبتة صحيّة علاجيّة، فهو يحتوي على نسبة كبيرة من حمض العفص، ويسهم في علاج العديد من الأمراض، كالإسهال، والنزيف، والسيلان الأبيض، والنزلات الصدرية، والتهابات الحنجرة.
ويستخدم للتخفيف من تهيّج الجلد واحمراره، وهو غني بالفيتامين c، والكالسيوم، وتعمل هذه المركبات على الشفاء من الغثيان، والرطوبة والإسهال، والحكة والجرب، ويعتبر فاتحاً للشهية، ويقي من الروماتيزم ويمنع تقيح الأذن.
المصدر: وكالات