
الحفريات تحت المسجد الأقصى تجعل تعرضه للهدم أقرب مما نتخيل
تتواصل الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى المبارك بوتيرة متسارعة، مهددةً أحد أقدس المعالم الإسلامية والعربية بخطر الانهيار والتشويه التاريخي، إذ تُنفذ هذه الحفريات بسرية تامة، وسط مخاوف من أن تكون جزءًا من مشروع ممنهج لطمس الهوية الإسلامية والعربية للمسجد، وفرض رواية دينية وتاريخية مغايرة للواقع، وصولًا إلى تهديد وجوده بالكامل.
ومع كل يوم يمر، تكشف الحفريات الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى عن حجم الخطر الذي يتهدد أساساته، شبكة معقدة من الأنفاق تهدد استقرار المبنى، وتجعله عرضة للانهيار بفعل أي هزة أرضية أو أي نشاط بشري.
وتُشكل الحفريات تحت الأقصى جبهة جديدة في صراع طويل بين الإرث الإسلامي والعربي من جهة، ومحاولات الاحتلال فرض رواية مغايرة للواقع والسيطرة على المدينة المقدسة من جهة أخرى.
ولا يقتصر الخطر على محيط المسجد المباشر، إذ تنتشر التصدعات والتشققات في المباني السكنية والتاريخية داخل البلدة القديمة، بينما تحذر محافظة القدس من أن تفريغ الأتربة المستمر وخلق فراغات عميقة تحت الأرض يضعف الأساسات، ويرفع احتمالية حدوث انهيار مفاجئ لأجزاء من الحرم، مهددًا حياة المصلين وزوار المسجد على حد سواء.
تقارير ميدانية وشهادات مختصين لـ “وكالة سند للأنباء“، تكشف اتساع شبكة الأنفاق التي تُحفر بسرية تحت أساسات المسجد الأقصى، وسط تحذيرات من أن هذه الأعمال لا تقتصر على الحفر فحسب، بل تمثل جزءًا من خطة ممنهجة لطمس الهوية الإسلامية والعربية للمسجد، وفرض رواية تاريخية ودينية مغايرة للواقع، بما يهدد في نهاية المطاف وجوده نفسه.
فخري أبو دياب: الأساسات معلّقة والأقصى في خطر حقيقي..
يقول الخبير في شؤون القدس فخري أبو دياب إن الحفريات الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى تجاوزت حدود العبث الأثري لتشكل تهديدًا مباشرًا لوجود المكان المقدس.
ويوضح “أبو دياب” أن سلطات الاحتلال تسحب الأتربة والصخور من أسفل الأساسات الجنوبية والغربية للمسجد، خاصة تحت مسجد النساء والمتحف الإسلامي، بحيث تصبح الأساسات معلقة في الهواء، ولا يثبتها سوى دعامات مؤقتة وضعت لحماية العمال وليس لحماية المسجد.
ويشير إلى أن أي زلزال ولو بسيط قد يؤدي إلى انهيار جزء كبير من المسجد، مما يجعل الخطر ملموسًا ومرجحًا بشكل كبير، مبيّنًا أن الاحتلال يستغل انشغال العالم بالعدوان على غزة لتكثيف أعماله أسفل الأقصى، معتمدًا على دعم سياسي مباشر من الإدارة الأمريكية.
ويؤكد أن ما يجري ليس مجرد حفريات أثرية بل مشروع متكامل لتغيير البنية الجيولوجية والتاريخية للمكان، وخلق واقع جديد يخدم الرواية التوراتية ويرسخ السيطرة على المنطقة.
معروف الرفاعي: تحويل الأنفاق إلى مرافق استيطانية..
بدوره، يوضح المستشار الإعلامي لمحافظة القدس، معروف الرفاعي، أن الحفريات أسفل الأقصى تتحول من مجرد أنفاق أثرية إلى مشاريع عملية لاستغلال الباطن في أغراض استيطانية وسياحية.
ويلفت إلى أن هناك مئات الأنفاق التي تم توسعتها خلال السنوات الأخيرة، وأن بعضها يفتتح بحضور نتنياهو ومسؤولين أمريكيين.
ويزيد “الرفاعي” أن بعض هذه الأنفاق تتحول اليوم إلى قاعات اجتماعات وكنس ومقاهي تقدم مشروبات روحية، بينما يُمنع المسلمون من معرفة ما يجري تحت المسجد، مؤكدًا أن الاحتلال يعمل على تحويل باطن الحرم تدريجيًا إلى مدينة سياحية توراتية تمهيدًا للسيطرة على ما فوق الأرض.
ويضيف “الرفاعي” أن شبكة الأنفاق الضخمة تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي والتاريخي للمنطقة، مما يسعى إلى إلغاء الهوية الإسلامية للمسجد رغم اعتراف اليونسكو به كتراث إسلامي خالص.
الشيخ محمد حسين: الحفريات جزء من حرب دينية وسياسية..
إلى ذلك، يحذر مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين من أن الحفريات أسفل المسجد الأقصى ليست مجرد أعمال هندسية أو أثرية، بل جزء من حرب دينية وسياسية تستهدف وجود المسجد.
ويذكر أن سلطات الاحتلال تعمل على تقويض السيادة الإسلامية وخلق واقع جديد يسمح للمستوطنين والجماعات التلمودية بالسيطرة على المكان تحت ذرائع الترميم والأثر، مشيرًا إلى أن ما يجري يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية واتفاقيات اليونسكو وجنيف.
ويدعو الشيخ حسين الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية للتحرك العاجل ووقف هذه الحفريات فورًا، مؤكدًا أن السكوت عنها يؤدي إلى كارثة إنسانية ودينية.
ويردف ديني ووطني وإنساني، مشددًا أن الخطر اليوم لم يعد نظريًا، فأساسات المسجد تنزلق والمدينة المقدسة تُختطف تحت الأرض قبل أن تُختطف فوقها.
المصدر: سند
