إجراءات تحت غطاءٍ من السرية، دون الإفصاح عن تهمة أو جريمة تستدعي ما قد يحصل، انتهاكات تتفاقم يوماً بعد يوم، و لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي الوحيدة بين منظومات دول العالم التي تستخدم الاعتقال الإداري سيفاً مشرّعاً بوجه الفلسطيني، تقفز عن القوانين الدولية التي تمنع حجز حرية الشعوب الواقعة تحت نير الاحتلال.
ولم تغب أكبر هيئة قضائية في سلطات الاحتلال “محكمة العدل العليا” عن تسهيل انتهاك القوانين، بل أجازت إصدار أوامر اعتقال إدارية بحق الفلسطيني دون تحديد مكان الاحتجاز بأمر الاعتقال نفسه.
وسنّت سلطات الاحتلال قوانين عسكرية لتحقيق أغراضها، ولم تكتفِ بقانون الطوارئ الانتدابي على فلسطين عام 1945، لتمعن في توظيف بنود نص عليها القانون الدولي وفق تفسيرها واحتالت على النصوص.
“تيك سودي ”
يستند أمر الاعتقال الإداري إلى ما تسمى “تيك سودي” وتعني باللغة العبرية الملف السري، وهو ما وصفته مؤسسة “بتسيلم” في تقرير لها حول الاعتقال الإداري، بالحبس دون محاكمة بدعوى اعتزام المُعتَقَل مخالفة القانون مستقبلاً ولم ينفذ بعد أية مخالفة، ومدته محدودة مستنداً لأدلة سرية.
وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 5300 فلسطيني، بينهم 40 أسيرة و250 طفلا، وقرابة 520 معتقلا إدارياً، وفق بيانات فلسطينية رسمية.
وترى “بتسيلم” منظومة الاعتقال الإداري قشرة زائفة، إذ أنه يحرم المعتقل من الدفاع المعقول عن نفسه في مواجهة ادعاءات ضده تحيطها السرية.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني، إن الاعتقال الإداري ارتفعت وتيرته منذ احتلال عام 1967، وما لبث أن انخفض مؤشره عام 1977، لتعود الحملات بوتيرة أكبر تتصاعد عام 1987.
وفُتح الباب على مصراعيه عام 2000، وزُجّ آلاف الفلسطينيين في السجون، بواقع 18 ألف أمر اعتقال إداري بين الأعوام 2000 – 2007، مقابل 19 ألف أمر اعتقال بين سنوات 1987 – 1994.
“جريمة حرب”
وتعتبر مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين في تقارير متماثلة، استخدام الاحتلال للاعتقال الإداري أنه “جريمة حرب”، وجريمة ضد الإنسانية تستدعي التكاثف لإغلاق الملف وإنقاذ الإداريين المضربين عن الطعام، الذين يتضاعف عددهم شهرياً في مواجهة اعتقالهم.
ويصف رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس لـ”وكالة سند للأنباء”، الاعتقال الإداري بـ “القانون المتخلف”، ولم يسلم منه حتى فلسطينيي الداخل المحتل والأطفال.
“اعتقال 20% من الفلسطينيين”
وترصد مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان برام الله، وفي دراسة مختصة بالاعتقال الإداري، اعتقال نحو ٧٠ ألفاً يشكلون 20% من إجمالي السكان في الأراضي الفلسطينية.
وتُشير “الضمير” إلى أن القاضي العسكري والمدعي العام لدى إسرائيل، يخدمان في جيش الاحتلال في نفس الوحدة القانونية.
الصحفي أمين أبو وردة وهو أحد ضحايا الاعتقال الإداري، يقول إن مسوغات الاعتقال دون مبرر منطقي “سيف مسلّط” على رقاب السياسيين والنشطاء، والإعلاميين والمحامين والأكاديميين، والمهنيين والمؤثرين في المجتمع.
ويرى الناشط الحقوقي والمدير العام السابق في هيئة الأسرى والمحررين فواز عمرو، أن الاعتقال الإداري رغم مخالفته لقوانين حقوق الإنسان والشرعية الدولية، إلا أنه نظام مريح لقيادة المنطقة التي يقطنها المعتقل، تحت تبرير الخوف منه ما يستدعي حجزه وسجن حريته ليطمئن.
‘ مؤشر الإضرابات “
وأورد الأسير المحرر والقيادي في الجهاد الإسلامي، خضر عدنان، أن مؤشر الشروع في الإضراب عن الطعام، يرتفع مع تزايد عدد المعتقلين الإداريين بالنسبة والتناسب، فهم يرون أنه لا جدوى ولا نتيجة من التقاضي أمام محاكم الاحتلال، ويكون الخيار لمعارك الأمعاء الخاوية.
ويستطرد خضر، أن فترة الحرية بين الإفراج والاعتقال مجدداً قصيرة ومتوالية، فيما يعتبر نجاح الأسرى بتحقيق مطالبهم بالحرية محفّزًا ومشجّعاً؛ للشروع في الإضراب وخاصة بين جيل الشباب.
وسبق لـ “عدنان” أن خاض إضرابات عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري، تمكّن فيها من انتراع قرارًا بالإفراج عنه، كان آخرها في حزيران/ يونيو الماضي.