أعداء اللقاح وأوهام المؤامرة؟.. علماء يفسّرون العلاقة
على مدى العصور، تصاعد الإيمان بنظريات المؤامرة، وانتشرت الادّعاءات وتنوّعت بشكل كبير.
وبعد نظرية (chemtrails) وهي فكرة أن الحكومات تطلق مواد كيميائية في البيئة عبر الطائرات للسيطرة على السكان، جاءت نظريات المؤامرة الدائمة التي تتمثل في إضافة الفلورايد إلى إمدادات المياه العامة لخلق شعب سهل الانقياد عرضة للاستيلاء الشيوعي.
وفي أعقاب وباء كورونا، أصبحت فكرة أن العالم يُدار من قبل المُحبّين للشيطان أو فضائيين أو أن فيروس كورونا ينتشر بواسطة تقنية (5G) هي السائدة، فضلًا عن محاولات البعض إثبات أن الفيروس غير موجود على الإطلاق، وأن اللقاح وسيلة للسيطرة على الشعوب أو مراقبتهم.
تبدو هذه الادّعاءات بالنسبة لكثير من الناس غريبة ومُضحكة، ومن الصعب للغاية فهم سبب تصديق أيّ شخص لهم، ومع ذلك أظهرت الدراسات الاستقصائية الأخيرة أن نسبة كبيرة من الناس يُقبلون على تصديق هذه المؤامرات وغيرها.
ففي إحدى نتائج البحث الذي أجرته وكالة أبحاث (Ipsos) في مارس/ آذار الماضي، بدعم من السفارة البريطانية في جمهورية الجبل الأسود واليونيسف، كانت النتائج هي إيمان 4 من كل 10 (43%) بوجود مؤامرة عالمية لإخفاء الضرر الناجم عن اللقاح حتى تتمكّن شركات الأدوية من الاستمرار في جني الأرباح حول العالم.
وفي هذا الصدد، كشف الدكتور أحمد العوضي -من الكلية البريطانية الملكية للأطباء النفسيين ومدير مركز “لا تحزن” في لندن- عن مجموعة من العوامل التفسيرية للعمليات الإدراكية لهذا الموقف.
وأوضح العوضي لبرنامج مع الحكيم “أنه لطالما كانت نظريات المؤامرة طريقة تفكير يلجأ إليها الناس في أوقات الأزمات، عندما تكون الأمور غير واضحة للدفاع عن النفس”.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن نكون جميعًا عُرضة لرؤية أنماط وهمية (مثل وجه في السحب)، لكن بالنسبة للمؤمنين بنظريات المؤامرة فإن هذا الاحتمال يرتفع بشكل كبير، وهذا يعني أنه من المحتمل أن يروا صلات واضحة بين الأحداث المتباينة التي لا يلاحظها بقيتنا.
وممّا لا شك فيه أن العديد من نظريات المؤامرة تقدّم ادّعاءات غير صحيحة من الناحية الواقعية أو تستند إلى منطق مَعيب في الأساس، ولكن لسوء الحظ فإن المؤمنين بالنظريات ليسوا فقط أكثر عُرضة لرؤية الروابط الوهمية، بل هم أيضًا أقل قابلية لتلقّي النصائح أو استقبال مهارات التفكير النقدي اللازمة لمساعدتهم على رؤية الثغرات الصارخة في نظرياتهم الخاطئة، ما يخلق أرضًا خصبة لترسيخ المعتقدات التي لا أساس لها.
وأشار العوضي إلى عنصر قوي بخصوص نظرية المؤامرة، وهو شعور الشخص بأنه جزء من مجتمع ما، وهو ما يساعد في تلبية حاجة بعض الناس إلى الشعور بالتميّز.
ويبقى السؤال الأهم هو كيف يتعامل المجتمع العلمي مع المؤامرات؟
قد يكون الحل الأمثل في مثل هذه المواقف هو محاولة مساعدة الناس على اكتشاف نظريات المؤامرة في وقت مبكّر، وهو ما يتمثل على أرض الواقع في المعركة المستمرّة مع شركات التكنولوجيا لحملها على إزالة المحتوى التآمري، وهو ما فعله موقع يوتيوب منذ عام 2018.
وجدير بالذكر أن أسوأ استراتيجية للتعامل مع نظريات المؤامرة هي الانسحاب من الخطاب والاستهزاء بمن قد يؤمنون بالمؤامرات، بل يجب احترام احتياج شخص ما للإجابات.
وفي النهاية، يجب أن تكون الرسالة هي أن العلماء هم مَن يمتلكون الأدوات للعثور على الحقيقة.