أحمد زهران.. أسيرًا ومطاردًا ومن ثم شهيدًا
وقفة عزيزة، واثقة بقضاء الله وقدره، معززة بأسمى تعابير العزة والكرامة، تقفها والدة الشهيد أحمد زهران من أمام بيته في مسقط رأسه وحاضنته في درب الجهاد والشهادة بلدة بدّو، بعد ارتقائه شهيدًا فجر اليوم في بلدة بيت عنان في مدينة القدس المحتلة.
وفجر اليوم، نفذت طائرات دون طيار، برفقة وحدات اليمام الخاصة في قوات الاحتلال، عمليات اغتيال بحق 5 شبان، هم أحمد زهران من مدينة القدس المحتلة، وزكريا بدوان نجل الشهيد إبراهيم بدوان، والشهيد محمود حميدان من بلدة بدّو، والشهيد أسامة صبح في بلدة برقين قضاء جنين، فيما بقي الأخير مجهول الهوية حتى اللحظة.
أحمد زهران.. الشهيد العنيد
مقبل غير مدبر، واجه قوات الاحتلال في مسيرة نضالية حافلة، حتى بات مطلوبًا على رأس قوائمهم الفانية، والدته تعرفها بإيمانها وصبرها، بالدعوات والصلوات تودع روحه الطاهر، وتستودعه الذي لا تضيع ودائعه، إلهًا رحيمًا، وتتمنى له مقعدًا جليلًا في الفردوس الأعلى.
في كلمة وديعة تقول والدة أحمد أن الأم التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها، وأن نساء فلسطين هن عماد مسيرة التحرير، بقوة قلوبهن وعطائهن وإيمانهن.
أحمد، النجل السادس وصغير أخوته من الشباب، عرف بدينه وحسن خلقه، بقلبه الطيب، ونفسه العزيزة الشريفة، غيورًا على أرضه وعرضه، شهمًا وكريمًا، يقف في وجه الباطل مهما كلفه الأمر، ويختلج ما بصدره نارًا منذ طفولته العنيدة إذا ما ذكرت دولة الاحتلال وتنكيله الغاصب، وكبر ليكون مطاردًا ومناضلًا وأسيرًا، وأخيرًا: شهيدًا. وهو ما أكدته والدته الصابرة الشامخة في شتّى مقابلاتها الإعلامية: “أولادي لا يكلوا ولا يملوا، إن متنا بنموت شهداء، وإن عشنا بنعيش بشرف” والمسيرة ماضية من الجد إلى ولد الولد.
ولزهران، أقوال تميزه عن غيره، وكان يتردد على لسانه دومًا “طول ما في احتلال العزيمة بتخلصش”، سعيٌ وصدق مع الله والوطن، هي سمة الشهداء أينما حلّوا، صدّقها حين ارتقى، وصدق معها عبارته الأثيرة “لا أتخيل نفسي عجوزًا أتناول عشرات الأدوبة.. أريد الموت قبل الأربعين”.
لقاء في السماء..
ثلاثة وعشرون عامًا، افترق فيه الأخوان زهران وأحمد زهران، فزهران سابق الخطى إلى الجنة وارتقى شهيدًا عام 1998، ليحفظ أحمد الدرب ويقتفي أثره، إلى لقاء سماوي سرمدي، أُجّل قليلًا.
ويعود عداء الاحتلال للعائلة لسنوات مضت، فنجلها القسامي زهران زهران الحافظ لكتاب الله، نفذ عددًا من العمليات، ومنها عملية إطلاق نار على جيب للاحتلال على طريق القدس-رام الله عام 1992، وعملية خطف جندي عام 1994، وكان له شرف إيواء الشهيد يحيى عياش والشهيد رائد زكارنة، ليظل مطاردًا منذ ذلك الوقت حتى إرتقاءه عام 1998.
كتبت: سمية النجار
المصادر: وكالات ووسائل إعلام فلسطينية